من تمكن من المعرفة ولو بالتوقف وغيره، لكن قد يشكل الأول إن لم يكن اجماعا بأنه هو أدخل الضرر على نفسه فلا خيار له، كمن أقدم على البيع بالمسمى وإن فرض مساواته أضعافه، فإن الظاهر عدم الاعتبار بجهله والأصل اللزوم فتأمل.
ومن الجاهل الناسي كحدوث القيمة للمبيع ولما يعلم بها ويقبل قوله في الجهل مع إمكانه في حقه كما في الجامع وجامع المقاصد والمسالك لأصالة عدم العلم، ولأنه مما يخفى ولا يعلم إلا من قبله، واحتمل في الثاني العدم، لأصالة لزوم العقد فيستصحب إلى ثبوت المزيل، وأشكله بأنه ربما تعذر إقامة البينة ولم يتمكن الخصم من معرفة الحال، فلا يمكنه الحلف على عدمه، فيسقط الدعوى بغير بينة ولا يمين، ثم قال: كالأول، نعم لو علم ممارسته لذلك النوع في ذلك الزمان والمكان بحيث لا يخفى عليه قيمته لم يلتفت إلى قوله وهو كذلك، أما النسيان فقد يقوى عدم قبوله بقوله.
الثاني - الزيادة والنقيصة التي لا يتسامح الناس بمثلها عادة فلا يقدح التفاوت اليسير، والمرجع في ذلك - بعد أن لم يكن له مقدر في الشرع - إلى العرف، وهو مختلف بالنسبة إلى المكان والزمان ونحوهما. ولو اختلفا في القيمة وقت العقد فعلى مدعي الغبن البينة، لأصالة اللزوم، والظاهر ثبوت خيار الغبن من أول العقد لا حين ظهوره، فلو أسقطه حاله سقط وإن لم يكن عالما به، كما أن الظاهر كونه على التراخي ما لم يحصل ضرر على الآخر، للأصل خلافا لبعضهم منهم ثاني المحققين والشهيدان مع أن الأخير منهما قد استوجه الأول في بحث تلقي الركبان بعد أن حكاه عن المصنف.
وكيف كان فلعل الفور اقتصارا على موضع اليقين، ولاقتضاء التراخي الاضرار بالمردود عليه، لتغير السعر بتغير الزمان، ولأن قوله تعالى " أوفوا بالعقود " (1) ونحوه مما يقتضي اللزوم كما أنه عام في الافراد كذلك في الأوقات وإلا لخلي عن الفائدة فلا يتصور حينئذ استصحاب في الخارج لبقاء غيره على مقتضى العام، والأصل عدم تخصيصه،