وفيه عدم انحصار الحكم الشرعي في اليقين، وقد عرفت تقييده بعدم الضرر، والآية وغيرها مطلقة بالنسبة إلى الزمان لا عامة فلا تنافي الاستصحاب.
ومن ذلك كله ظهر لك المراد من قول المصنف - (من اشترى شيئا ولم يكن من أهل الخبرة) مثلا (وظهر فيه غبن لم تجر العادة بالتغابن به) في مثل هذا البيع والزمان والمكان (كان له فسخ العقد إذا شاء) - ودليله، أنه كما يثبت للمشتري يثبت للبايع، لاتحاد الدليل بل لو فرض تصور الغبن فيهما كما إذا وقع البيع على شيئين في عقد واحد وكان كل منهما بثمن معين في أحدهما الغبن علي البايع وفي الآخر على المشتري ثبت الخيار لهما معا هذا. وربما استفيد من التعليق على المشيئة في المتن أنه على التراخي، وقد عرفت الحال فيه والله أعلم.
(ولا يسقط ذلك الخيار بالتصرف) السابق على ظهور الغبن (إذا لم يخرج عن الملك أو يمنع مانع من رده كالاستيلاد في الأمة والعتق) كما في القواعد وغيرها من غير فرق بين البايع والمشتري، وإن كان المصنف لم يذكر الخيار إلا للثاني، إلا أن الظاهر إرادته المثال ضرورة عدم اختصاصه بالمشتري، بل خبر تلقي الركبان في البايع (1) مضافا إلى الاشتراك بحديث الضرار (2) وغيره.
وحينئذ فالمراد عدم سقوط هذا الخيار مطلقا بالتصرف إلا الناقل أو المانع من الرد، كما أن الظاهر إرادة التصرف من ذي الخيار، ضرورة عدم السقوط بالتصرف من غيره وإن كان ناقلا، للاستصحاب وحديث الضرر وغيره، واحتمال عدم الفرق - فيبطل الخيار وإن كان النقل من غير ذي الخيار لتعلقه بالعين فيفوت بانتقالها - لا ينبغي صدوره ممن له أدنى خبرة بالنصوص والفتاوى.
نعم ظاهرهم عدم الفرق فيما ذكرنا بين البايع والمشتري كما هو مقتضى الدليل