المسترسل فإن غبنه لا يحل " (1) وما ورد من النهي عن تلقي الركبان وأنهم مخيرون إذا غبنوا (2) وخبر الضرار (3).
وفي الجميع نظر، ضرورة حصول التراضي، وإلا كانت المعاملة باطلة، لا أن فيها الخيار، وعدمه على تقدير العلم لو سلم، لا ينافي الرضا الفعلي الذي عليه المدار، وإن كان الداعي له الجهل، والمراد من النصوص المزبورة، كراهة خدع المؤمن المطمئن إليك الواثق، و زيادة الربح عليه، وعن مجمع البحرين " الاسترسال: الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان والثقة فيما يحدثه، وأصله السكون والثبات ومنه الحديث " إلى آخره.
على أن مقتضى الحكم بأنه سحت - البطلان، لا الخيار، كما أن مقتضى عدم الحل الإثم، بل ما ثبت من الخيار عند الأصحاب أعم مما فيه الغبن بمعنى الخدع، وخبر الركبان لم نقف عليه في كتب الأصول، بل في الحدائق ولا في كتب الفروع، وإن كان فيه أنه يكفي ارسالهم له، بل لعله أقوى من ذكر المتن، وفي الغنية " نهى عليه السلام عن تلقي الركبان " وقال: " فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا دخل السوق " وحديث الضرار (4) مع قطع النظر عن كلام الأصحاب لا يشخص الخيار بل لا يقتضي إلا الإثم إن أريد منه النهي.
نعم قد يستفاد منه المطلوب إذا أريد منه عدم مشروعية ما فيه ضرر، مضافا إلى أصالة صحة البيع وحليته، وجبر كثير من محال الضرر بالخيار وفتوى الأصحاب وأن الخيار وجه جمع بين الحقين ورافع للضرر من الجانبين، بخلاف الالزام بالأرش ونحوه، والأمر سهل بعد ما عرفت من الاجماع المزبور، نعم يشترط فيه أمران أحدهما - جهل المغبون القيمة وقت العقد بلا خلاف، ضرورة تسلط الناس على أموالهم (5) فله أن يقدم على بيع ما يساوي مأة بواحد، فمع العلم والاقدام لا خيار قطعا، كحدوث الزيادة والنقيصة بعده، و في التذكرة والمسالك الاجماع عليه، بل في الثاني منهما وغيره التصريح بعدم الفرق بين