الخطب قوة عدم اعتبار الجماعة فيها عندنا مع الاضطرار، هذا.
وظاهر المصنف وغيره بل صرح به بعضهم اشتراط الصحة مع الانفضاض بتلبس العد المعتبر ولو بالتكبير، أما إذا انفضوا قبله بعد تلبس الإمام فلا جمعة لعدم الشرط في الابتداء فضلا عن الاستدامة، لكن قد يظهر من معتبر المصنف الصحة فيه أيضا، بل هو صريح الشافية، واستوجهه في المدارك كما أنه استظهره في كشف اللثام، بل لعل ذلك مقتضى دليلهم على الصحة بعد التلبس، لكن لا يخفى عليك ضعف ذلك بملاحظة نصوص العدد، كقوله (عليه السلام): " لا جمعة لأقل من خمسة " ونحوه، وأوضح منه فسادا لو لم يدخل أحد منهم معه، لفوات الجماعة حينئذ التي فرضها الله فيها، فالتحقيق أن الجمعة للإمام تستقر بدخول العدد معه كما هو واضح، وافتتاحه لها على ذلك بتخيل لحوق الشرط لا يصيرها كذلك وإن فات، وما أبعد ما بين ذلك وبين ما في التذكرة والمحكي عن النهاية من اشتراط الصحة باتمامهم ركعة. فإن انفضوا قبلها فلا جمعة، لكن احتمل في الأخير تحقق الركعة بإدراك الركوع.
وعلى كل حال فلا دليل عليه سوى مفهوم قوله (عليه السلام) (1): " من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة " بل وقوله (عليه السلام) (2): " من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى " إذ عدم الإضافة مستلزم للبطلان، وقوله (صلى الله عليه وآله) (3): " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها " وهو كما ترى أجنبي عن المقام، بل هو نقله حجة للشافعي ومالك في المحكي من منتهاه، وأجاب عنه بأن الباقي بعد الانفضاض مدرك ركعة بل الكل، وإنما لا يكون مدركا لو اشترط في الادراك بقاء العدد، وهو أول المسألة.