غيره، والمخافتة بأن يسمع نفسه، وظاهر الجميع حتى المتن وغيره ممن عبر كعبارته إذا لم يعطف لفظ الاخفات فيه على المضاف إليه كما صرح به في التذكرة حيث قال: وحد الاخفات إلى آخره أنه لا يدخل إسماع الغير في الاخفات أصلا كما عن ابن إدريس التصريح به، قال: (وحد الاخفات أعلاه أن تسمع أذناك القراءة، وليس له حد أدنى بل إن لم تسمع أذناه القراءة فلا صلاة له، وإن سمع من عن يمينه وشماله صار جهرا، فإذا فعله عامدا بطلت صلاته) نحو المحكي عن الراوندي في تفسير القرآن (أقل الجهر أن تسمع من يليك، وأكثر المخافتة أن تسمع نفسك).
نعم لا عبرة بالغير الذي يفرض أقربيته إلى سماع اللفظ من الانسان نفسه، كما لو وضع أذنه قريبا من فم المتكلم مثلا، بل يمكن دعوى ظهور لفظ القريب المأخوذ في تعريف الجهر في غير المجتمع معه، بل يكون بينهما مسافة في الجملة وإن قلت تحقيقا لمعنى القرب المتغاير للمعية، ضرورة إمكان أقربية سماع مثل المفروض من النفس، إما لأن أذن السامع في جهة هواء الحرف بخلاف أذن الانسان نفسه فإنها منحرفة عنه، أو لغير ذلك، وربما ينبه عليه في الجملة قول الباقر (ع) في المرسل (1) في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى (2): (ولا تجهر بصلاتك) الآية:
(الاجهار أن ترفع صوتك تسمعه من بعد عنك، والاخفات أن لا تسمع من معك إلا يسيرا) ضرورة إرادته بيان المنهي عنه من الجهر، فلا بد من حمل (من معك) فيه على المساوي للنفس أو دونه كي لا ينافي ما دل على أن الاخفات المنهي عنه ما دون سماع الانسان نفسه كما في موثق سماعة (3) وكذا يجب إرادة البعد المفرط من قوله (ع) فيه: (من بعد عنك) كي يوافقه أيضا.