يخرج عن الأقل والأكثر وإن التزمه بعضهم في كل خطاب ظاهره التخيير بين الأقل والأكثر، إلا أنه قد بينا ضعفه في محله، وأنه مجرد دعوى بلا شاهد، مع أن التزامه في المقام يقضي بخروج ما إذا استقلت السورة الثانية بالنية عن القران، نعم هو متجه بناء على اعتبار النية في القران كما ذكرناه سابقا ويوهمه مختصر نهاية ابن الأثير، والأقوى خلافه، وأنه لا فرق بين أن يجمعهما بنية واحدة أولا، وأنه متى جاء بهما على نية الجزئية احتسبت كذلك، وربما يومي إليه في الجملة أخبار العدول عن السورة ما لم يتجاوز النصف، ضرورة حصول معنى الجزئية بأول شروعه، لأن جزء الجزء جزء، وعدوله لا يبطل وصف ما وقع من الجزئية، بل الشارع سوغ له مع ذلك الاتيان بسورة أخرى، فيكون الجزء حينئذ سورة ونصفا، ودعوى إبطال الشارع جزئية ما وقع من السورة الأولى بسبب عدم حصول مسمى السورة يمكن البحث فيها، كدعوى اعتبار قصد المكلف بطلان ما وقع منه من بعض السورة في جواز العدول إلى سورة أخرى، ضرورة إطلاق النصوص، وأنه إنما يرفع يده عن باقي السورة لا ما وقع منه، على أنه يمكن منع حصول البطلان لما وقع منه صحيحا بمجرد قصده وإرادته بطلانه، إذ هو من الأحكام الشرعية التوقيفية، هذا.
مع إمكان التخلص بما ذكره غير واحد من الأصحاب في بعض الخطابات الظاهرة في التخيير بين الأقل والأكثر من جعل الواجب الأقل، والزائد مستحب صرف، ولا ينافي جزئيته حينئذ من الصلاة، لصيرورته كالقنوت، بل يمكن جعله جزء من القراءة أيضا بنوع من التأمل، نعم قد ينافيه ما سمعته سابقا من أن المراد بالأجزاء المندوبة في نحو الصلاة الواجبة أكملية الفرد المشتمل عليها، وإلا فهو من أفراد الصلاة أيضا، فيرجع حينئذ إلى أفضل أفراد الواجب التخييري، والمفروض في المقام الكراهة وإن قلنا: إنه بمعنى أقلية الثواب، فلا يتصور فرض استحبابه كالقنوت، مع أن