نعم في جامع المقاصد (ينبغي أن يكون موضع الاشكال ما إذا اجتمعت هذه النية مع نية الصلاة، فلو حصلت بعد عزوب نية الصلاة فالمناسب القطع بالبطلان، لانتفاء نية أخرى لتكون مكافئة، واستدامة النية ضعيفة، لأنها أمر حكمي عدمي، والأصح البطلان، لعدم بقاء الجزم بالنية مع ذلك التقييد، ومن ثم لو شرع في الصلاة بهذا القصد لم تصح، والجزم بالنية معتبر إلى آخر الصلاة، وإلحاق الصلاة بالحج في عدم البطلان بنية المنافي قياس من غير جامع) قلت: التحقيق عدم تنافي إرادتي الضدين، وامتناع اجتماعهما في الخارج لا يستلزم تنافيهما قطعا، لعدم الاستحالة في إرادة المحال، على أن تنافيهما إن سلم فليس لذاته بل للصارف، ويمكن أن لا يكون موجودا لكل منهما، كما أن التحقيق أيضا عدم لزوم ذلك لقصد الخروج الذي هو إنشاء قطع الصلاة ورفع اليد عنها، فمن الغريب ما سمعته من جامع المقاصد من أن الخروج كباقي المنافيات فنيته كنيتها، ضرورة وضوح الفرق بين نية الخروج بالمنافي من حيث منافاته وبين إنشاء الخروج والقطع الذي هو المراد من نية الخروج، لا أنه نوى الخروج كنية فعل المنافي، كما هو واضح بأدنى تأمل، كل هذا مع التنزل، وإلا فقد عرفت عدم البطلان بنية الخروج فضلا عما يستلزمها، كما أنك عرفت مما سبق عدم الفرق في نية المنافي بين ابتداء الصلاة وبين الأثناء في ذلك، ولعله عند التأمل كاحتمال المنافي في الأثناء الذي لا يمنع النية عند التأمل، وعدم بطلان الحج بنية المنافي ليس لدليل يقضي بصحته بلا نية بل لأنه غير مناف لها. فلا فرق حينئذ بينه وبين الصلاة، والجزم بالنية شئ، والسلامة من العوارض شئ آخر، ومن ذلك كله ظهر لك أن ما في جامع المقاصد (ينبغي) إلى آخره لا يخلو من نظر، فتأمل جيدا، والله أعلم.
هذا كله إذا نوى المنافي ولم يفعله (فإن فعله بطلت) بلا إشكال ولا خلاف، وتعرف فيما تأتي إن شاء الله إعداد المنافيات ومنافاتها عمدا وسهوا أو عمدا لا سهوا.