ما احتاجوا في مثال الخطاب بها ندبا إلى صلاة الصبي كما في التذكرة، والإعادة للجماعة كما فيها وفي غيرها، على أن صفة الوجوب لا تجدي في التعيين حينئذ في الفرض، إذ قد يعدد الخطاب بها وجوبا أيضا جهلا أو نسيانا أو عصيانا، فلا ريب في عدم إرادة وجوب نيتها دفعا لهذا التعدد، ولو سلم فهو خروج عن محل النزاع، إذ هو قول بوجوبها حال التعدد خاصة وإن كان بزعم المكلف، مع أن ما ذكره من الفرض إنما يتصور في خصوص الجاهل الذي يرجع إليه الناسي، أما العاصي فيكفي في بطلان صلاته حينئذ عدم قصده امتثال الأمر المعلوم لديه، والجاهل إن كان إشكال في صلاته ففيما إذا نواها مرددة، أو بقصد الأمر الثاني الذي زعمه، لعدم قصده امتثال الأمر المكلف به، لكن قد يقال بالصحة في الصورة الأولى إذا كان قد قصد امتثال الأمر الذي تخيل تعدده، لمكان قصده الصفة المشخصة له في الواقع، إذ الفرض عدم أمر آخر غيره، وتخيله أنها غير مشخصة لا يرفع تشخيصها الواقعي، واستوضح ذلك بأمر السيد لعبده بالاتيان بلحم مع تخيله تعدد الأمر وجاء بلحم بقصد امتثال الأمر، بل قد يتجشم للصحة في الصورة الثانية أيضا، إذ هو وإن كان قد جاء بالفعل بقصد امتثال الأمر الذي تخيله إلا أن ما شخصه به من صفة الندبية مثلا وقعت في غير محلها، فلا تفيده تشخيصا، والفرض تحقق الطلب في الواقع، فينصرف الفعل إليه، وبالجملة هو أشبه شئ بنية الندب في مقام الوجوب وبالعكس، وقد ذهب جمع من محققي مشائخنا إلى الصحة معها تبعا للمحكي عن المصنف في بعض تحقيقاته، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فمما ذكرنا يظهر لك ما في كلام الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك وإن أطنب وتبعه عليه صهره في الرياض، فلا حظ وتأمل، كما أنه ظهر لك ضعف القول بوجوب نية الوجه في المتحد خطابا، للتعيين، وأنه ليس من موارده، أما غيره من الأدلة فقد أوضحنا فسادها في باب الوضوء حتى ما ذكره الأستاذ الأكبر من الاستدلال