ومن هنا بان لك أن المتجه ما حكاه عن ظاهر كثير من الأصحاب، بل لا أجد فيه خلافا بين من يعتد بخلافه من الأصحاب من وجوب الاخفات عليها في مواضعه لا التخيير، لعدم المعارض لها فيه بخلاف الجهر الذي قد عرفت الاجماع على عدم وجوبه عليهن في مواضعه، نعم الظاهر تخييرها بينه وبين الاخفات إذا لم تكن ثم أجنبي بناء على ما عرفت، كما هو ظاهر تعبير الأصحاب بأن ليس عليهن جهر، فالأصل حينئذ لا معارض له، بل ظاهر الفتاوى ومعاقد الاجماعات معاضد له، وبه صرح غير واحد، بل لم أجد فيه خلافا صريحا، كما لم أجد بخلافه دليلا كذلك، والخنثى المشكل بناء على إلزامها بالاحتياط تخفت في محل الاخفات، ويجهر في محل الجهر إذا لم يكن أجنبي، وإلا قيل: أخفتت، والمتجه التكرير مع انحصار الطريق فيه، تحصيلا للاحتياط، والله أعلم.
(والمسنون في هذا القسم الجهر بالبسملة في مواضع الاخفات في أول الحمد وأول السورة) على المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل في التذكرة نسبته إلى علمائنا مشعرا بدعوى الاجماع عليه كالمحكي عن المعتبر، بل في كنز العرفان وعن الخلاف الاجماع عليه صريحا، بل في الذكرى وغيرها أن من شعائر الشيعة الجهر بالبسملة لكونها بسملة، وزاد في المدارك (حتى قال ابن أبي عقيل تواترت الأخبار أن لا تقية في الجهر بالبسملة) وذلك كله مع الاعتضاد بالتتبع الشاهد لصدق هذا الاجماع حجة على ما تفرد به العجلي (الحلي خ ل) كما في الذكرى وغيرها من تخصيص الاستحباب بالأولتين للاحتياط الذي يمكن منع في المقام، لما ستعرفه من القول بوجوب الجهر، ولا يجب مراعاته حتى في الصلاة بناء على الأعمية، على أن الدليل المسوغ متحقق، فلا معنى للوجوب له معه، ولأن القراءة إنما تتعين في الأولتين وفيه منع دوران الجهر بها على تعيين القراءة، لما سمعته من إطلاق معاقد الاجماعات