عن النبي (صلى الله عليه وآله) (أنه أمره بالشهادتين سرا ثم بالترجيع جهرا) مع أنه يمكن أن يكون ذلك منه لخصوص أبي محذورة، لما حكي عنه أنه كان مستهزئا بالنبي (صلى الله عليه وآله) غير مقر بالشهادتين، لا لمشروعيته في نفسه التي ينفيها خلو ما نزل بالوحي من الأذان عندنا، وما رؤي في المنام عندهم عنه، ومن ذلك يظهر أن القول بإرادة ما عند الشافعي من الترجيع في عبارات الأصحاب أولى، إذ النظر إليه على الظاهر بذلك بعد ما عرفت من خلو النصوص.
وعلى كل حال فلا ريب في حرمته مع قصد المشروعية كغيره مما هو زائد على ما عرفت من فصوله عندنا، بل الظاهر بطلان الأذان إذا أدخله في النية حيث تكون معتبرة فيه كما في غير أذان الاعلام، أما مع عدم القصد فيشكل تحريمه فضلا عن البطلان بالأصل وغيره، اللهم إلا أن يكون مستنده الاجماع المحكي عن السرائر على حرمة التثويب الذي أحد تفاسيره فيها تكرار الشهادتين، لكنه - مع احتمال إرادته إذا انضم إليه قصد المشروعية، وعدم اقتضائه الحرمة بالنسبة إلى غير ذلك مما مر في تفسيره - قاصر عن قطع الأصل المعتضد بغيره، إذ لم نعرف أحدا صرح بها قبله بل ولا بعده عدا الفاضل في المحكي عن مختلفه، بل ربما ظهر منه أنه المشهور، وتبعه سيد المدارك والخراساني، مع أن صريح الأول منهما كون الحرمة من حيث التشريع كما صرح بها ثاني المحققين والشهيدين وغيرهما، بل لا إشكال فيها على الفرض المزبور، فيمكن حينئذ دعوى عدم الموافق له إن أراد بها التعبدية لا التشريعية.
ومن ذلك يعلم ما في حكاية الشهرة المزبورة، سيما وقد سمعت نسبة الكراهة في التذكرة والمنتهى إلى علمائنا، وليس في الخلاف سوى (لا يستحب الترجيع إجماعا) والمحكي عن المبسوط وجامع الشرائع والمهذب سوى (أنه غير مسنون) بل لولا التسامح في الكراهة، وظهور الاجماعين عليها في الكتابين، وأنه شبه الصورة العامية، والبأس