ابن عمار (1) (عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا فقال: قد مضت صلاته، فما بين المشرق والمغرب قبلة،) ونزلت هذه الآية (2) في المتحير (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) مع الطعن في الاجماع بعدم المسموعية في محل النزاع، وفي الأصل بمنع وجوب المقدمة أولا، وبوجوب تقييدها بهذه النصوص ثانيا، إذ هي كسائر الأدلة اللفظية بل أضعفها، والخبر في السند بالارسال والضعف، والمتن باقتضائه سقوط الاجتهاد من أصله الذي قد عرفت الاجماع على بطلانه عندنا، وفيه أن النزاع غير قادح في حجية المحكي من الاجماع خصوصا مثل هذا الاجماع وهذا النزاع، وأما النصوص فلا ريب في عدم مقاومتها لما عرفت، على أن العمدة منها صحيح الفاضلين، وهو ليس إلا في الفقيه دون الكافي والتهذيب والاستبصار التي علم من عادتها التعرض لما في الفقيه، سيما الأخير الذي دأبه ذكر النصوص المتعارضة، فعدم ذكره ذلك معارضا لمرسل خداش مما يؤيد عدم كونه كذلك فيما عندهم من نسخ الفقيه، وأنه محرف بقلم النساخ عن الصحيح الآخر (يجزئ التحري) المعروف في كتب الأصحاب، بل لم يذكر كثير منهم هذه الصحيحة، خصوصا مثل الفاضل في المختلف الذي قد عرفت منه الميل إلى مذهب العماني لما ذكر له من الأدلة التي هي أوهن من بيت العنكبوت بالنسبة إلى هذه الصحيحة.
فكان الأولى الاستدلال له بها لا بصحيح التحري وموثق الاجتهاد الذين هما كما ترى لا دلالة فيهما على ما ذكره من الصلاة إلى جهة عند فقد العلم والظن، وإنما هما دالان على الاجتزاء بالتحري وبذل الجهد في تحصيل القبلة عند عدم العلم بها الذي لا خلاف معتد به فيه عندنا، واحتمال إرادة مطلق اختيار الجهة من التحري والاجتهاد