خداش (1) قال: (جعلت فداك إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت السماء علينا أو اظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد، فقال: ليس كما يقولون، إذا كان ذلك فليصل إلى أربع وجوه) وفي الكافي (2) (روي أن المتحير يصلي إلى أربع جوانب) وفي الفقيه (3) (قد روي فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أن يصلي إلى أربعة جوانب) ولعلهما غير مرسل خداش، بل الظاهر كونهما صحيحين عندهما خصوصا الثاني منهما الذي لا يذكر في كتابه إلا ما هو حجة بينه وبين ربه، ومن هنا استظهر بعض الأساطين منهما التخيير لروايتهما الروايتين.
وعلى كل حال فلا ريب في حجية الجميع في المقام، وأنه لا يقدح الارسال بعد الانجبار بما سمعت وبقاعدة المقدمة التي كان ينبغي تقديمها على مرتبة الظن، لكن للأدلة السابقة عكسنا، والمناقشة - بأن الأربع غير محصلة لليقين بالجهة، ضرورة تعدد المحتملات فيها وعدم انحصارها فتسقط، كما في كل مقدمة غير محصورة يستلزم الاتيان بها العسر والحرج المنفيين بالآية (4) والرواية (5) وبأنه متى سقط بعض أفراد مقدمة اليقين سقط الجميع، لأنها إنما وجبت تحصيلا لليقين بالمكلف، به فوجوب الأربع حينئذ إن كان فهو ليس إلا من الدليل لا القاعدة المزبورة - يدفعها أن ظاهر الخبر المزبور أو صريحه كالفتاوى كون الأربع تحصيلا لليقين، وإلا كان الأمر أسوأ حالا من العامة المكتفين بالصلاة إلى جهة من الجهات بلا مقتض لتخصيصها، وهذا هو الاجتهاد المنكر عليهم فلا بد حينئذ من إرادة تحصيل اليقين بما بين المشرق والمغرب بذلك الذي هو قبلة في