نظر أيضا، فالتحقيق حينئذ أنه من فروض الأعيان لكن لا على جهة الاجتهاد، بل يكفي للعامي قول المجتهد: ضع الجدي على منكبك الأيمن في العراق مثلا، ولا يجب عليه معرفة الدليل على كفاية ذلك من الاجماع أو الخبر أو البرهان الرياضي أو غيرها، وأنه لا يجب تطلب ذلك إلا عند الخطاب بالواجب المتوقف وجوده عليه كغيرها من الشرائط والواجبات.
ومن هذا وغيره مما تقدم يظهر لك ما في كشف اللثام حيث إنه بعد أن ذكر وجوب التعلم على القابل له فارقا بينه وبين الأحكام الشرعية بما في تعلمها من المشقة وطول الزمان بخلاف أدلة القبلة قال: (لا يقال إنما يسهل تعرف الجدي مثلا وإن من وقف بحيث حاذى منكبه الأيمن كان مستقبلا، ومعرفة مجرد ذلك تقليد، وأما دليل كونه مستقبلا إذا حاذى منكبه الأيمن فهو إما الاجماع أو الخبر أو البرهان الرياضي فهو كسائر أدلة سائر الأحكام، مع أن النص إنما ورد بالجدي على وجهين، وما بين المشرق والمغرب كما مر، وهو مع ضعف الطرق مخصوص ببعض الآفاق، ولا اجماع على سائر العلامات، وإنما استنبطت بالبراهين الرياضية. لأنا نقول يكفي في الدليل مشاهدة المسلمين في بلدة متفقين على الصلاة إلى جهة، إذ يكفي العامي حينئذ أن يريه معلمه الجدي أو سائر العلامات بحيث يحصل له العلم، نعم لا تكفيه إذا سافر إلى ما يقابل جهة قبلة تلك الجهة أو ينحرف عنها، فإن تيسر له معرفة الانحراف أو المقابلة بجهة مسير وما يشاهده من الأمور السماوية سهل عليه التعلم، وإلا كان من القبيل الأول أي ممن لا يعرف إذا عرف) وفيه أنك قد عرفت وجوب التقليد عليه في ذلك كالأحكام، وإلا فلا يجديه صلاه المسلمين المعلوم أنهم مقلدة أيضا، على أنه قد لا يعرف صلاة المسلمين إلى جهة تلك العلامة التي أخذها من مجتهده، لعدم استعماله إياها إلا وقت الحاجة مثلا، نعم الظاهر أنه ليس له الرجوع إلى الأمارات الهيئية بظنه قبل تقليد مجتهده في جواز