فلا ينافيه ظن كل واحد على التعيين أنه مستقبل، وأجاب بأن الظن لا بد من استناده إلى أمارة شرعية، وهذا القطع ينافيه، ثم قال: ولو قيل بأن هذا لا يتحقق مع البعد، لأن الجرم الصغير كلما ازداد الانسان عنه بعدا اتسعت جهة المحاذاة، فيمكن محاذاة العشرة للشخص الواحد، فليكن الصف المستطيل كذلك، وأجاب بأن هذا تحقيق أمر الجهة دون المعنى الذي ذكره، إذ التحقيق أن محاذاة القوم للجرم الصغير عن موقفهم ليست إلى عينه وإن أوهم ذلك، لأنا نفرض خطوطا خارجة من موقفهم نحوه بحيث تخرج متوازية فإنها لا تلتقي أبدا، وإن خرجت إلى غير النهاية، والعلامات المنصوبة من الشارع تقضي بعدم ذلك، إذ هو خصوصا قوله: أن هذا تحقيق أمر الجهة كالصريح فيما قلناه الذي منه يعرف ما في المحكي عن البهائي في رسالته التي أفردها في ذلك من أن الجهة أعظم سمت يشتمل على الكعبة قطعا أو ظنا بحيث تتساوى نسبة أجزائه إلى هذا الاشتمال من دون ترجيح، قال: (وإنما اعتبرنا أعظم سمت لئلا ينتقض طرده بأجزاء الجهة، ولم نقتصر على الظن لئلا ينتقض عكسه بالسمت الذي يقطع بعدم خروج الكعبة عنه، ولا على القطع لئلا ينتقض بالجهة المظنون كون الكعبة فيها عند العجز عن تحصيل القطع بذلك، وأما قيد الحيثية فلاخراج سمت يكون اشتمال بعض أجزائه على الكعبة أرجح، إذ الحق أن الجهة ليست مجموع ذلك السمت، بل بعضه أعني الأجزاء التي يترجح اشتمالها على الكعبة بشرط تساوي نسبة الرجحان إلى جميعها، فلا يجوز للمصلي استقبال الأجزاء المرجوحة الاشتمال عليها، خلافا للمستفاد من جماعة).
وأنت خبير بأن المهم بيان حقيقة الجهة المذكورة في كلامهم بحيث ينطبق على الأدلة الشرعية لا هذه الاحترازات، وقد عرفت أنه لا مدخلية للقطع والظن والاحتمال فيها، بل هي أمور تتعلق بها، بل ليس المراد منها إلا المقابلة والمحاذاة الحسية للبعيد من حيث كونه بعيدا، نعم يختلف كيفية معرفة ذلك، فتارة بالعلم، وأخرى بالظن