عرفته من أجلاء الأصحاب على الحكم المذكور من غير تردد أو توقف من أحد منهم.
وكيف كان فلا ريب في توقف صدق الاستقبال للشئ عرفا على حصول المقابلة له من المستقبل، وإلا لم يكن مستقبلا له قطعا، والظاهر اعتبار ذلك فيما نحن فيه أيضا من غير فرق بين القريب والبعيد في ذلك، نعم لا يعتبر في الصدق المزبور وقوع خط المستقبل حال استقباله على المستقبل بالفتح مطلقا، ضرورة تحققه عرفا في المشاهد من الأجرام من بعد وإن قطعنا بعدم اتصال جميع الخطوط بها، ومن أراد معرفة ذلك فليعتبر بالأنجم والنقط الموهومة لقطب الجنوب والشمال وبغيرها من الأجرام التي تشاهد من بعد، ويصدق استقبالها على الأشخاص الكثيرة القائمة على خط مستو زائد على عرضها أضعافا مضاعفة، فإن اتصال جميع الخطوط به حينئذ محال كما هو واضح، ولقد أومأ إلى ذلك ما سمعته من الذكرى تبعا للمحكي عن نهاية الإحكام من أن الجرم الصغير كلما ازداد بعدا ازداد محاذاة، ضرورة عدم إرادة ذات اتصال الخطوط من المحاذاة.
ومن ذلك ينقدح أن من بعد عن الكعبة بعدا لا تغيب عن مشاهدته لا يعتبر في استقباله العلم باتصال خط موقفه بها، ولا ينافيه تسالم الأصحاب على وجوب استقبال العين للمشاهد أو القريب، إذ الظاهر أن مدارهم في ذلك على الصدق المزبور من غير مدخلية للمشاهدة والقرب النسبي وعدمهما، فمن كان قريبا منها بحيث ينتفي عنه اسم الاستقبال بمجرد عدم اتصال خط موقفه بها وجب عليه مراعاة الاتصال المزبور، ومن لم يكن كذلك بل كان يصدق عليه أنه مستقبل لها وإن لم يعلم اتصال خط موقفه بل وإن علم العدم لم يعتبر فيه ذلك، ضرورة أنه ليس في الأدلة إلا الأمر بالاستقبال الذي قد فرض صدقه، فالمشاهدة وعدمها لا مدخلية لها قطعا، ودعوى أنه ليس صدقا حقيقيا بل هو مسامحة عرفية يكذبها الوجدان والعمل، كدعوى أن ذلك مسلم مع المشاهدة