الدلالة على إرادة ذراع من لفظ القامة، وتأخير النبي (صلى الله عليه وآله) بعض نافلة العصر إلى أن يريد صلاتها لا يقتضي أنه (صلى الله عليه وآله) كان يصليها بعد المثل حتى يستلزم وقوعها بعد المثل، بل لعله كان يؤخر العصر إلى بلوغ الظل أربعة أقدام، ضرورة زيادة هذا الوقت على فعل النافلة، إذ الظاهر أنه كان يبلغ ساعة نجومية تقريبا، كما أن القدمين الأولين كذلك، وستسمع أن شاء الله تمام البحث في ذلك.
وسوى ما يقال: من أن الحكمة في توسعة الفضل إلى المثل والمثلين بسبب النافلة كي يمتد وقتها، وفيه منع واضح، بل هو قول بغير علم، وتقول على الشارع بغير إذن.
ومن ذلك كله يظهر لك ضعف القول الثالث: أي امتداد وقت النافلة بامتداد وقت اجزاء الفريضة وأن مال إليه في الذخيرة، إذ هو - مع أنه مجهول القائل كما قيل، ولعله كذلك، لأنه لم ينسب إلا إلى الحلبي، وقد عرفت أنه إنما قال بالامتداد إلى آخر الوقت، وإن آخر الوقت عنده الأربعة للمختار، والمثل للمضطر، ولعله لذا نفي الخلاف في المحكي عن السرائر عن خروج وقت النافلة إذا صار المثل والمثلان - لا شاهد له، بل الشواهد على خلافه، والأخبار (1) الدالة على كون النافلة بمنزلة الهدية، فكل وقت صالح لها - مع قصورها عن المقاومة لغيرها من وجوه، ومقطوعية عدم العمل على ظاهرها مطلقا - يمكن تنزيلها على إرادة عدم سقوط النافلة بخروج وقتها، بل غيره صالح لفعلها كالفرائض ولو قضاء، لأنها بمنزلة الهدية، وليست هي كباقي النوافل الموقتة التي تذهب بذهاب وقتها، لا أن المراد منها صلاحية سائر الأوقات لأدائها، وكيف والنصوص يمكن دعوى تواترها في كونها موقتة، وأن وقتها غير ذلك، ومن العجيب استفادة جواز تقديم النوافل على أوقاتها من هذه الأخبار التي وصفها في المعتبر بالندرة،