يترتب فعلا، قال: لأنه إذا خرج من الماء حكم له أولا بطهارة رأسه ثم جانبه الأيمن ثم جانبه الأيسر، وكان مراده بالتعليل التفسير لنفس الدعوى، ولعل تخصيصه ذلك بالخروج إنما هو لمكان ظهور ثمرة الطهارة حينئذ دون ما إذا كان تحت الماء، فلا يراد التخصيص على سبيل الحقيقة، بل المراد أنه متى حصل الارتماس حكم له أولا بطهارة رأسه ثم الأيمن ثم الأيسر، وما يقال: إنه يحتمل أن يكون مراده أنه لا يحكم له بالطهارة حتى يخرج، فإذا خرج حكم له بالترتيب المذكور، لمكان خروج رأسه مقدما على سائر بدنه فبعيد جدا بل لا معنى له، فإنه - مع أنه لا يسمى مرتمسا بعد الخروج وعدم تعليقه الحكم على خروج الرأس مقدما بل على مطلق الخروج - لا يتم في الجانبين، لمكان خروجهما دفعة، ولعل هذا الاحتمال بناء على ما ذكرنا من التفسير هو القول الذي نقله الشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر وغيرهما عن بعض أصحابنا أن الارتماس يترتب حكما، والمراد به على ما فسره بعض أصحابنا أنه تجري عليه جميع أحكام الترتيب فيكون حينئذ بمنزلة المرتب، حتى أنه فرع عليه مسألة النذر واليمين وما لو بقي من بدنه لمعة، فإنه يغسلها فقط إن كانت في الأيسر، وهي مع الأيسر إن كانت في الأيمن على حسب ما ذكرنا في الترتيب، ولا يخفى عليك مخالفة ذلك كله للأصل مع عدم الدليل، بل ظاهر أدلة الارتماس عدمه، ومن هنا نقل الاجماع على بطلان الترتيب الحكمي، وما يقال: إنه جمع بين الأدلة فيه أنه بعد تسليم تعارضها لا يصلح ذلك جمعا لها من غير شاهد، وكذا ما يقال: إنه أقرب إلى الترتيب الحقيقي أي بمعنى أن الترتيب هو الأصل في الغسل، فيقتصر على مقدار الضرورة في مخالفته، كما أنه لا يخفى عليك ما في التفريع المذكور، أما في النذر واليمين فلأنه يتبع القصد، ومع فقده لا ينصرف الاطلاق إلى مثل ذلك قطعا، وأما مسألة اللمعة فلأن الترتيب الحكمي بعد القول به متفرع على صدق الارتماس، ولا ريب في عدم صدقه مع بقائها فكيف يجعل
(٩٤)