كالترتيب حكما، فلعل الأقوى حينئذ أنه لا ثمرة في ذلك، وإنما ارتكبوه لتخيل المنافاة بين الأدلة، فذكروا ذلك لرفعها بتقريب أن المرتمس في الماء لمكان اختلاف سطوح الماء عليه وتعدد جريانها عليه كان بمنزلة الغسل المتعدد، فيجعل الأول للرأس، والثاني للأيمن، والثالث للأيسر، فسموا ذلك ترتيبا حكميا.
وأما ما وقع لبعضهم وربما أشعرت به عبارة المصنف في المعتبر من أن المراد بالترتيب الحكمي نية المرتمس واعتقاده الترتيب فهو مما لا ينبغي أن يصغى إليه، فإنه - مع فساده في نفسه من وجوه غير خفية ومخالفته للأصل وغيره - يأباه ظاهر المنقول في المبسوط وغيره أنه يترتب حكما بصيغة الفعل اللازم لا المتعدي، وليعلم أن أدلة الارتماس وإن كان موردها الجنابة إلا أن الظاهر جريانه في جميع الأغسال واجبها ومندوبها كما صرح به جماعة من الأصحاب، بل نسبه في الحدائق إلى ظاهر الأصحاب، وفي الذكرى أنه لم يفرق أحد بين غسل الجنابة وغيره في ذلك، قلت: ويؤيده ما دل (1) على أن غسل الحيض والجنابة واحد وتتبع كلمات الأصحاب، فإنه يظهر منها أن الغسل هيئة واحدة كالوضوء وإن تعددت أسبابه وغاياته، ولذا تراهم لا يستشكلون في جريان كثير من أحكام غسل الجنابة في غيره مع ثبوتها فيه من عدم اشتراط الموالاة وغيره، ولولا ذلك لأمكن المناقشة في ثبوت وجوب الترتيب في كثير من الأغسال، لعدم الدليل عليه إلا في غسل الجنابة، وعند التأمل ترى الصوم والصلاة والحج وغيرها من هذا القبيل، فلم يفرقوا فيما يرجع إلى الكيفية بين المندوب والواجب منها كما هو واضح، فقد يدعى حينئذ أن الأصل ذلك حتى يثبت خلافه، وربما ظهر من بعضهم إلحاق غسل الميت أيضا لما ذكرنا، ولما ورد (2) أنه كغسل الجنابة، وهو لا يخلو