متأخري المتأخرين من الاستشكال في ذلك بل الفتوى بعدمه تبعا لذلك الشاذ من ظاهر بعض القدماء ليس في محله، وإن كان هو ظاهر جملة الروايات (1) فيها الصحيح وغيره، إلا أنه - مع إعراض الأصحاب عنها واشتمال جملة منها على عدم الترتيب بين الرأس والجانبين، مع أنه لا يقول به الخصم، وموافقتها للعامة - لا ينبغي الركون إليها، على أن كثيرا منها من المطلق الذي يجب تنزيله على المقيد من الاجماعات المتقدمة وغيرها، لا أقل من الشك بعد تعارض الأدلة، فيجب الترتيب تحصيلا لليقين.
ثم لا يخفى أن ظاهر التثليث في حسنة زرارة (2) وأكثر عبارات الأصحاب مع عدم التعرض فيها للعورة والسرة يقضي بأن العورتين والسرة داخلة فيهما، بل الظاهر منهما أن دخولهما على حسب التنصيف كما صرح به بعضهم، فاحتمال كون العورة عضوا مستقلا لا مدخلية له في أحدهما ضعيف، إلا أنه قد يظهر من ملاحظة أخبار (3) غسل الميت، لكن ما ذكرناه أحوط، ولعل الأحوط غسلهما مع الجانبين تخلصا من الاحتمالات الأربعة، إذ هي إما أن تكون من الجانب الأيمن أو الأيسر أو على التوزيع أو خارجة عنهما، ولا يأتي عليها كلها إلا ذلك، أو غسلها تماما بعد الفراغ من الجانب الأيمن مع غسل نصفها مع الجانب الأيسر، فتأمل جيدا. والظاهر من عبارة المصنف وغيرها من عبارات الأصحاب التي حكوا الاجماع عليها عدم وجوب الترتيب في نفس أجزاء الأعضاء، فلا يجب الابتداء بالأعلى في شئ منها، ويؤيده مضافا إلى الأصل قول الصادق (عليه السلام) (4) في صحيح ابن سنان: " اغتسل أبي من الجنابة، فقيل