ونحوه خبر إسماعيل بن عبد الخالق مع الطعن في سنده، والتعليق على ما لا يقول به الخصم من طول الزمان، بل كان حمله على الاستحباب لازم حتى منه، وذلك لظهوره في كون المراد غسلا ووضوءا للوطئ، فلا يكتفى بما عملته سابقا، وهو مجمع على بطلانه بحسب الظاهر، وحمله على إخلالها بأفعال المستحاضة بعيد إن لم يكن ممنوعا. ومثلها موثقة سماعة، إذ قوله: (فحين تغتسل) لا دلالة فيه على المنع بدون ذلك، لاحتمال كون المراد الجواز الذي لا كراهة فيه، أو غير ذلك، والرضوي كاد يكون تعليله كالصريح في المختار، لما عرفت سابقا من جواز وطئ الحائض قبل الغسل، ومنه ينقدح زيادة تأييد لما قلنا، إذ من المعلوم أن حدث الحيض أعظم من الاستحاضة سيما الصغرى، ومع ذلك لم يمنع من جواز الوطئ فالاستحاضة أولى، واحتمال إبداء الفرق بانقطاع الدم فيها دونها ضعيف، لأن الغسل والوضوء لا يزيل نفس الدم في المستحاضة، إنما يزيل حكمه، وهو الحدث الحاصل منه، فيكون المنع حينئذ مستندا إليه، فيتم ما ذكرنا، ومنه يظهر فساد الاستدلال أيضا بكون دم الاستحاضة أذى، فيمتنع الوطئ معه، إذ الأفعال لا ترفع الدم إنما ترفع حكمه.
وقد أجاد في الذكرى فقال: وما أقرب الخلاف هنا من الخلاف في وطئ الحائض قبل الغسل، وخبر مالك مع أنه بالجملة الخبرية ظاهر في كون الغسل عن حدث الحيض، فيتجه حينئذ حمله على الاستحباب، لما تقدم في محله كخبره الآخر، ولا دلالة فيه على كون الغسل غسل الاستحاضة، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي تقدح في الدلالة فيها بالنسبة إلى ذلك، وكأن المستدل بها لاحظ في استدلاله إشعارا ما ينقدح عند تلاوتها، بل هو في كثير منها مبني على كون الواو للترتيب ونحوه من الأمور المعلومة الفساد من غير نظر إلى ما يقتضيه التأمل فيها، وإلا فبعده يظهر عدم دلالتها على ذلك،