بل في بعضها الدلالة على المختار، وأما ما ذكر أخيرا من دعوى إصلاح جميع ذلك مما في السند والدلالة بالشهرة العظيمة ففيه أما أولا فبإمكان معارضته بالشهرة المتأخرة من زمن المصنف إلى زماننا هذا، وأما ثانيا فبمنع الشهرة المذكورة، إذ كثير من الأصحاب عبر كعبارة المصنف إذا فعلت المستحاضة كانت بحكم الطاهر، وهي مع تسليم إرادة المفهوم منها على الوجه الذي يريده الخصم فلا يقتضي إلا أنها مع الاخلال لا تكون بحكم الطاهر، وهذا لا يستلزم حرمة الوطئ، لعدم اشتراط الطهارة فيه، وجملة منها (أنها لا يحرم عليها شئ مما يحرم على الحائض إذا فعلت ما وجب عليها) وهو أيضا مع تسليم أن المفهوم فيها أنها إن لم تفعل حرم عليها سائر ما يحرم على الحائض لا يقضي بحرمة الوطئ إلا مع تقييد الحائض في المفهوم بوجود الدم، نعم وقعت بعض عبارات من بعضهم ظاهرها ذلك، لكنه ينبغي القطع بعدم إرادتهم شرطية وضوءات الصغرى وتغيير القطنة أو الخرقة أو الاستثفار أو نحو ذلك، اللهم إلا أن يريدوا ما ستسمعه قريبا من أن أفعال المستحاضة إنما غايتها الصلاة ويباح الوطئ حينئذ تبعا، وإلا فلا يراد فعل هذه الأمور ابتداء للوطئ، فتأمل جيدا. ولو سلم فدعوى وصول هؤلاء إلى الشهرة العظيمة في ذلك لم نتحققها، بل لعل المتحقق عندنا عدمها، وكيف كان فمن أعطى النظر حقه في المقام علم أن القول بمدخلية سائر أفعال المستحاضة صغرى كانت أو غيرها في جواز الوطئ في غاية البعد. نعم قد يقال ذلك بالنسبة إلى خصوص الأغسال، لكن الأقوى ما تقدم، والاحتياط لا ينبغي تركه، بل لعل الأحوط أيضا غسل جديد لخصوص الوطئ، وأما الكراهة فيعرف وجهها مما سمعت من الأخبار، كاستحباب الغسل المستقل للوطئ، بل مع الوضوء، وقد يؤيد إن شاء الله فيما يأتي من الزمان في كتابة رسالة مستقلة في المسألة تشتمل على عبارات الأصحاب وبيان ما يفهم من كل واحدة منها مع الإحاطة بجميع أطراف المسألة، وفيها فوائد مهمة ربما تسمع الإشارة إلى بعضها، نسأل الله التوفيق.
(٣٦١)