لكن قد يناقش في ذلك كله بمنع ظهور التقييد المزبور فيما ذكرنا من الأخبار، إذ قوله (عليه السلام): (ويأتيها زوجها) فيها هي إما جملة مستأنفة لبيان حكم المستحاضة أو معطوفة على الجملة السابقة، وهي على كلا التقديرين ظاهرة فيما قلنا، والواو ليست للترتيب على الأصح، وخبر عبد الرحمان مع الطعن في سنده لا دلالة فيه على الاشتراط المذكور إلا بالمفهوم الضعيف في نفسه فضلا عن المقام، كما هو واضح، مع احتمال إرادة تعليق الإباحة السالمة عن الكراهة أو غير ذلك، وكذا خبر زرارة الذي بعده، مع أنه قد يقال فيه زيادة على ذلك بأن المراد إذا حلت لها الصلاة أي صارت مستحاضة بعد أن كانت حائضا، لصدق حلية الصلاة عليها حينئذ لسبب ارتفاع مانع الحيض، وإن لم تكن متطهرة فعلا كالمرأة المحدثة بالأصغر مثلا، بل لعله الظاهر منها، فتكون للمختار حينئذ لا عليه، كصحيح ابن مسلم الذي بعده، بأن يجعل قوله (عليه السلام):
(ويأتيها زوجها) فيه بيان حكم المستحاضة في نفسه، وهو قريب جدا، مع إمكان تأيده أيضا بأنه لو أريد منه حيلة الصلاة فعلا لكان لا يجوز أن توطأ المستحاضة مع فعلها الأفعال وصلت بها ثم إنه دخل وقت الصلاة الثانية، وذلك لعدم حلية الصلاة لها فعلا، لوجوب تجديد الأفعال لها، وهو مناف لقولهم: أنها إذا فعلت ذلك كانت بحكم الطاهر، ودعوى تقييد ذلك بما لم يدخل وقت الثانية مثلا لا وجه لها ولا شاهد عليها، إذ أقصي ما يستفاد من كلمات الأصحاب أنها متى أخلت بالأفعال لم تكن بحكم الطاهر، وهذا غير صادق عليها في هذا الحال، إذ الفرض اتساع الوقت، فلا يقدح عدم مبادرتها لذلك، ولا تكون بمجرد ذلك بحكم الحائض، فلا ينتقض حكم طهارتها الأولى حينئذ بالنسبة للوطئ ونحوه إلا إذا خرج الوقت ولم تفعل ما وجب عليها، فتأمل.
فلعل الأظهر حينئذ أن تكون الرواية لنا لا علينا، مع أنه لا دلالة فيها على توقف إباحة الوطئ على غير الغسل.