فظهر لك حينئذ من جميع ما ذكرناه أنه لا وجه لاطلاق الثاني، أي الحكم بعدم التحيض حتى في الجامع، لما عرفت من ظهور الروايات فيه، بل كادت تكون صريحة بحيث لا تقبل التأويل بإرادة تركها الصلاة ونحوها بعد الثلاثة أيام، وإن احتمله فيها بعض متأخري المتأخرين، لكنه بعيد جدا، وكذلك تعرف ما في القول الرابع من الفرق بين الأفعال والتروك، ومرجعه إلى الاحتياط، ولا يخفى عليك ما فيه إن أريد به الوجوب في كل منهما، لعدم الدليل عليه في غير ما ذكرناه من المختار.
وإذ قد عرفت ذلك كله كان (الأظهر أنها) يجب عليها أن (تحتاط للعبادة) في غير الجامع (حتى تمضي لها ثلاثة أيام) بخلاف الجامع وإن أمكن القول بأولوية الاحتياط فيه خروجا من شبهة الخلاف على إشكال ينشأ من كون الترك عزيمة على الحائض، ومن أنه لم يعلم كونها حائضا قبل حصول التوالي أيضا وإن ألزمناها بأحكام الحائض عند الرؤية، ومن ظهور أن النزاع هنا في الوجوب وعدمه، والأقوى في النظر أنه لا يتجه لها الاحتياط بعد حصول الظن للفقيه بكونها حائضا برؤية الجامع، وسيما بعد اشتمال أخبار الصفات على الأمر بالترك عند وجودها الذي هو حقيقة في الوجوب، فما يظهر من الفاضل المعاصر في الرياض من مشروعية ذلك لها على هذا التقدير لا يخلو من نظر، ثم إن الظاهر إلحاق المضطربة بالمبتدأة فيما ذكرناه من المختار، لتناول ما عرفته من الأدلة في كل من قسمي المختار، ويأتي التنبيه عليه من المصنف، وربما فرق في البيان والدروس بينها وبين المبتدأة، فجعل تحيضها بما ظنته أنه حيض وإن قلنا بالتربص للمبتدأة، وهو ضعيف.
وعرفت من ذلك كله حكم من لم يعرف لها عادة في الوقت، بل قد تدخل هذه في اسم المضطربة في بعض التفاسير أو عرفت ولم تره فيها بل كان متقدما عليها بما لم يتسامح فيه أو متأخرا عنه كذلك، لما ظهر لك أنه لا دليل على شئ منها يختص به