من أن الغالب في النساء إنما هو في كل شهر حيضة كما هو المعروف، وأشارت إليه بعض الأخبار (1) ويشهد له الحكم بتحيض المتحيرة في كل هلالي مرة، وغير ذلك، على أنه ينبغي انحصار الوقتية مثلا في من رأت أول الشهر الحيضي مرتين، أما لو رأت في أول هلاليين أو غير ذلك فلا، وهو كما ترى يمكن تحصيل الاجماع على خلافه، واحتمال القول أن المراد بالشهر الأعم من الهلالي والحيضي يدفعه أنه لو جاز مثل ذلك على عموم المجاز لكنه موقوف على القرينة، وهي مفقودة.
ولعل الأقوى في النظر ارتفاع النزاع في المقامين على أن يكون مراد المانع من حصول العادة بالشهر الواحد إنما هو الوقتية، ومراد المثبت إنما هو العددية كما لا يخفى على من أعطى النظر حقه في كلماتهم، ومنه يظهر لك كثير خبط وخلط في كلام جملة من متأخري المتأخرين، نعم قد يظهر من الشيخ في المبسوط ثبوت العادة الوقتية بتساوي الحيض والطهر مرتين من دون النظر إلى الهلالي، فإنه قال: " إذا رأت المبتدأة دم الحيض خمسة أيام وعشرة أيام طهرا بعد ذلك، ثم رأت خمسة أيام دم الحيض، ثم رأت عشرة أيام طهرا، ثم استحيضت فقد حصل لها عادة في الحيض والطهر، تجعل أيام حيضها خمسة أيام وأيام طهرها عشرة أيام، وكذلك إن رأت دم الحيض خمسة أيام وخمسة وخمسين يوما طهرا، ثم رأت خمسة أيام حيضا وخمسة وخمسين يوما طهرا، ثم استحيضت تجعل حيضها في كل شهرين خمسة أيام، لأن ذلك صار عادتها " انتهي.
وفيه مع إمكان تأويله أن المستفاد من الأدلة كالخبرين السابقين وغيرهما إن تكرر الحيض مرتين مثبت عادة فيه، وأما إن ذلك يثبت عادة في الطهر أيضا لو فرض تساويهما كالحيض فممنوع لا دليل عليه، وكيف مع أن أقصى عادة وقت الحيض إنما هو إثبات حيضية ما فيها، وأنها مقدمة على غيرها عند التعارض، وإلا فهي لا تنفي حيضية ما أمكن