معرفة المعاني في مثل المقام. ولا شك أنه لا يتوقف على إلقاء نفسه في الماء بعد خروج جميع بدنه منه، كما قاله بعض المتأخرين (1)، بل لو كان نصف جسده بل أزيد داخلا فيه وغاص في الماء، يقال. إنه ارتمس ومقل فيه. ولذا ورد في الحديث: إذا وقع الذباب في طعامكم فامقلوه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر سما، يقدم الذي فيه السم) (2) فأمر بمقل الذباب مع تحقق المقل بالنسبة إلى بعضه.
ولا ينافي ذلك الوحدة؟ لأن المراد وحدة ارتماس الشخص في إدخال ما يتوقف صدق الارتماس عليه في الماء، ولا شك أن مثل هذا الشخص ارتمس عرفا ارتماسة واحدة.
نعم، الظاهر اعتبار خروج الرأس والرقبة، بل الأحوط خروج بعض آخر أيضا، حتى يصدق عرفا أنه ارتمس بعد ما لم يكن كذلك، فإنه هو الظاهر المتبادر من الحديث، فلا يحكم بصحة غسل من كان منغمسا في الماء، فنوى وخرج، أو تحرك إلى جانب آخر، وإن ادعى والدي - رحمه الله - في المعتمد: الاجماع على صحة الغسل وإن لم يخرج شئ من الأعضاء.
نعم، يجب على من كان بعضه في الماء أن يحرك قدمه حتى يصل الماء المتجدد حال الارتماسة الواحدة تحت قدميه! لا لتوقف صدق الارتماسة الواحدة عليه، بل لوجوب إيصال ماء الغسل إلى كل جزء من بدنه بالاجماع والنصوص، فلا يفيد وصول الماء قبل ذلك الارتماس إلى جزء وهو الظاهر، ولا بعد تمام الارتماس الواحد، لأنه ليس ماء الغسل، بل هو منحصر بماء الارتماسة، ولذا يحكم بوجوب كون التخليل فيما يحتاج إليه في تلك الحالة.