مطالعة الردود والاعتراضات المذكورة، فوجدت فيها مواضع تستحق زيادة البحث والتفتيش، ولم يكن من عادتي التعرض لأقاويل أهل العصر والزمان، خوفا من أن يكون في ذلك ضيقا في أنفسهم وثقلا على طبائعهم؛ لكن يظهر مما كتبه الفاضل المذكور تلويحا بالترخيص في ذلك، بل يلوح مما فيه، فقام الداعي إلى إبداء ما اعتقدت فيها من الضعف والخلل، فاستخرت الله وكتبت هذا التعليق، شارطا على نفسي أن لا أتعمد مجاوزة حق أو نصر باطل، بل يكون بتحريك اللسان والبيان على وفق ما عقد عليه الجنان، وأن لا أذكر إلا ما رسخ في قلبي وعقدت عليه عقيدتي، وعلى الله التوكل ومنه الاستعانة في كل باب، فإن إليه المرجع والمآب.
وقال في الرسالة قريبا من الآخر عند الجواب من العلامة الخوانساري:
في هذا الكلام جنبة مخاشنة من غير جرم، وجناية ظاهرة لا يوافق النهج المسلوك بين الناس والطريق المعهود في العادات ولا يناسب زاكيات الأخلاق وطيبات السير، فلا يليق بمثله وإن لم ننكر استحقاقنا له ولا أزيد منه، ولا يستعظم ذلك منه ولا نشكوه نظرا إلى استحقاقنا، فإن من استحق النار لو صوح على القاء الفحم والرماد فأبى أو شكا لم يعدل، وإنما الغرض التنبيه على الأليق ولا نسند إليه - أيده الله - مخالفة الصواب. انتهى.
مع ما أن من أنه كان استادا في بعض الأزمان للعلامة الخوانساري، وقال في آخر الرسالة:
وإن تشرفت هذه الكلمات بنظر الفاضل المذكور - أيده الله وبلغه ما يتمناه - فالملتمس من جنابه العالي أن لا ينظر فيه بنظر السخط أو الرضاء، بل نظر مهد مرشد، شارطا على نفسه من الله سبحانه ما شرطت على نفسي الشرط المذكور، ثم ليحكم بما تقرر عليه رأيه المصيب،