لم يكن له قوة التمييز (1) بادروها بالإنكار والغلو، كما وقع لي مع بعض المشايخ الأجلاء في مثوبات إطعام المؤمن، فإنه قال في الدرس: إنا نعلم قطعا أن أمثال هذه الأخبار كاذبة؛ فإنه ورد أن ثواب إطعام المؤمن ألف ألف حجة (2)، فحينئذ لا يبقى للحجة مقدار.
فذكرت أنه لا يمكن إنكار (3) هذه الأخبار؛ فإنها متواترة معنى، وقلت:
أنتم تروون أن ضربة علي (عليه السلام) أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة (4) وتعتقدونه، ولا شك أن ذلك لسبب علو شأنه (عليه السلام)، بل كل فعل من أفعاله كذلك، وكذلك كل واحد من الأئمة صلوات الله عليهم بالنظر إلى غيرهم، فأي استبعاد في أن يكون ثواب خلص أوليائهم كذلك، كما وقع في إطعام المسكين (5) واليتيم والأسير هذه المثوبات العظيمة، وكانت فضة الخادمة فيهم، مع أنه فرق بين الثواب الاستحقاقي والتفضلي كما تقولون دائما.
فاستحسن كلامي ولم يتكلم بعده بما كان يتكلم قبله، وهو شيخنا الأعظم بهاء الملة والدين رضي الله تعالى عنه، وكان إنصافه فوق أن يوصف، مع أني حين تكلمت بذلك كنت أصغر تلامذته وأحقرهم، ومظنون (6) أني لم أكن إذ ذاك بالغا، وكثيرا ما كان يرجع عن اعتقاده بقولي وقول أمثالي.
وفي ذلك الزمان كان يحضر أكثر فضلاء العصر في مجلسه العالي، مع أن