ولا نظر لهما إلى ترتب الآثار، كي يقال: ان نظر الأصل إلى ترتب الأثر الواقعي واقعا، ونظر الامارة إلى ترتب أثر الواقع ظاهرا.
فالحق في الجواب ان يقال: ان الفرق الفارق بين الأصل والامارة لا يرجع إلى اختلاف لسانيهما، بل إلى اختلاف المجعول بهما، فالمجعول بالأصل غير المجعول بالامارة، بيان ذلك: ان المجعول بالأصل هو الطهارة بلا نظر إلى الواقع أصلا، بل تعتبر الطهارة بالأصل مع غض النظر عن الواقع وباسدال الستار عليه، فيكون الطهارة الثابتة بالأصل فردا لطبيعي الطهارة الاعتبارية الثابت لها الأثر بالدليل المعين، في مقابل الفرد الواقعي وفي عرضه فيثبت لها الأثر الواقعي كما يثبت للطهارة الواقعية، لكون كل منهما فردا تكوينيا لما هو موضوع الأثر. وهذا بخلاف الجعل في الامارة، فإنه بلحاظ الوصول إلى الواقع، فالمجعول بالامارة هو الطهارة بما انها الطهارة الواقعية وبما هي ثابتة واقعا - ولذا يصح نسبة مفاد الامارة إلى الله على أنه الواقع، والالتزام به على أنه كذلك، بخلاف مفاد الأصل فإنه لا يصح الالتزام به على أنه الواقع، وهذا امر تشترك فيه جميع الالتزامات في المجعول في باب الامارة من المنجزية أو الطريقية أو الحجية أو الحكم المماثل، فان الجميع يلتزمون بهذا المعنى وانه عند قيام الامارة يصح الالتزام بمفادها بما أنه الواقع ويصح نسبته إليه تعالى كذلك فيقال حكم الله الواقعي كذا -.
وعليه، فالفرد الثابت بالامارة لا يكون في عرض الواقع، بل في طوله فترتب عليه آثار الواقع ظاهرا لا الأثر الواقعي، فيتصور فيه كشف الخلاف بانكشاف انه غير الواقع دون ما هو مفاد الأصل.
ولايضاح هذا المعنى جيدا ورفع الابهام فيه كاملا نقول: انه إذا ثبت حكم على طبيعي موضوع، كما إذا ثبت الحكم على طبيعي العالم، فكان له فرد تكويني حقيقي، وثبت بالدليل فرد اعتباري - وإن لم يكن حقيقة كذلك - ثبت