من كون الامارة القائمة على خلافه حجة قبل حصوله -، الا انهما يتكفلان الكشف عن أن تلك الوظيفة الفعلية لم تكن على طبق الوظيفة الواقعية، فيقع الكلام في أن تلك الوظيفة الفعلية الظاهرية مع العلم بمخالفتها للواقع وجدانا أو تعبدا وبالامارة، هل تجزي عن الواقع ولا يلزم الاتيان بالوظيفة الواقعية فعلا، أو بما يترتب الآثار الشرعية على فوات الواقع - لو فرض فواته - أو لا تجزي؟.
وبالجملة: بعد العلم بعدم الاتيان بالوظيفة الواقعية، يتكلم في أن ما جاء به من الوظيفة الظاهرية هل يكفي فلا يلزم الاتيان بالواقع أو بما يترتب على فواته شرعا، أو لا يكفي فلا بد من ترتيب آثار عدم الاتيان بالواقع من الاتيان به لو لم يفت وقته أو قضائه لو فات الوقت ونحو ذلك من الآثار الشرعية؟.
والمتحصل: ان عدم تكفل الامارة الأخرى نفي حجية الأولى، بل تتكفل تحديدها زمانا لا يكون ملاكا لخروج المورد عن محل الكلام، إذ مورد العلم الوجداني بالخلاف كذلك، إذ لا ينكشف بالعلم عدم حجية الامارة القائمة، بل هي حجة في ظرفها. فالملاك في موضوع الكلام هو انكشاف كون مؤدى الامارة على خلاف الواقع، وهذا كما يحصل بالعلم يحصل بامارة أخرى لأنها تنفي مفاد الأولى - وإن لم تنفي حجيتها - فيقع الكلام - كما عرفت - في اجزاء الوظيفة الظاهرية عن الواقع وعدمه.
وأنت خبير بأنه بعد وضوح ما هو محل النزاع لا يبقى مجال لتوهم الاجزاء بناء على الطريقية، بل عدم الاجزاء بملاحظة ما هو محل الكلام من القضايا التي قياساتها معها، إذ بعد العلم - وجدانا أو تعبد - بعدم الاتيان بما هو الوظيفة في الواقع لا وجه عقلائيا ولا عقليا في الالتزام بعدم ترتيب آثار عدم الاتيان بالواقع وكفاية فعل أجنبي عن الواقع عنه.
نعم غاية ما تتكفله الامارة الأولى هو المعذرية وعدم استحقاق المؤاخذة على مخالفة الواقع للجهل به مع العذر الموجب لقبح العقاب. ولكن الجهل لا