في أول مبحث النواهي ان شاء الله تعالى -؟ فالأول يراد به ان حقيقة النهي هي الزجر عن العمل وحقيقة الامر هي البعث نحو العمل، والمتعلق لكليهما واحد والاختلاف في حقيقتهما. والثاني يراد به ان حقيقة كل من الأمر والنهي هي الطلب، الا ان الامر طلب الوجود والنهي طلب الترك واخذ الوجود والترك في حقيقة الأمر والنهي أخذ لهما في مدلول الهيئة، فان مدلول المادة في كليهما واحد لا يتغير، فان مادة: " صل " و: " لا تصل " يؤديان معنى واحد وهو الصلاة. اذن فالاختلاف لا بد وان يرجع إلى الهيئة في النهي طلب الترك، كي يحصل التمييز بين الأمر والنهي. وهذا لا يحتاج إليه القائل بالأول، إذ الاختلاف والتمييزيين الحقيقتين حاصل بأخذ الامر بمعنى البعث واخذ النهي بمعنى الزجر، فلا يحتاج إلى تقدير الوجود والترك. وصاحب الكفاية ممن يلتزم بالثاني، فيتعين عليه أن يقول بان مدلول الهيئة في الامر هو طلب الوجود، وبما أن الهيئة من مصاديق الامر فالامر على هذا اسم لطلب الوجود، والمفروض ان الوجود وارد على الطبيعة بما هي فيكون الامر بذلك واردا عليها بما هي هي.
ولكن الذي يظهر من صاحب الكفاية بقوله: " فافهم " انه يتوقف في صحة هذا البيان. والوجه الذي به يظهر عدم صحة هذا البيان هو: ان مقتضى هذا البيان ان لفظ الامر اسم للمركب من طلب الوجود، فلا واقع له سوى هذا المركب. ومن الواضح ان هذا المركب بما هو غير عارض على الماهية بما هي، فليس متعلق طلب الوجود هو الماهية، بل الماهية متعلق نفس الوجود وهو متعلق لنفس الطلب. فليس للامر واقع بسيط يكون متعلقا بالطبيعة بما هي، وانما واقعه المركب المذكور وهو بمجموعه غير عارض على الماهية، بل العارض عليها أحد جزئيه وهو الوجود. فلا يقال ان طلب الوجود متعلق بالطبيعة بما هي هي.
فلا حظ.