وعروض شئ عليها بما هي هي، والممتنع هو الأول، دون الثاني، ومحل الكلام هو الثاني دون الأول.
فالذي ينبغي ان يقال في توجيه تعلق الامر بوجود الطبيعة لا بذاتها بما هي هو: ان تعلق الامر يتبع ما فيه تحقق الغرض ووجوده. ومن الواضح ان الغرض لا يترتب على الماهية بما هي، بل يترتب على وجود الماهية خارجا، فمن الطبيعي أن يكون هو متعلق الامر دون ذات الماهية.
وهذا أمر واضح لا غبار عليه.
اما الجهة الثالثة من الكلام: وهي البحث عن تصحيح تعلق الامر بالوجود. فان هذا يبدو مشكلا لأول وهلة.
وبيان الاشكال: ان الوجود يوجب سقوط الامر فكيف يكون متعلقا للامر، مع أن متعلق الامر ما به قوام الامر ووجوده؟. هذا مع أن تعلق الطلب بالوجود يلزمه طلب الحاصل وهو محال لكونه لغوا فلا يصدر من الحكيم.
وقد تفصى صاحب الكفاية عن الاشكال: بان المطلوب ليس هو وجود الفعل، بل متعلق الطلب صدور الوجود وجعله البسيط وإفاضته. وبعبارة أخرى:
المطلوب هو الايجاد لا الوجود (1).
وفي هذا الجواب ما لا يخفى: فإنه قد تقرر ان الايجاد والوجود والجعل والمجعول شئ واحد في الحقيقة والتغاير بينهما اعتباري، فان الوجود بملاحظة صدوره من الفاعل يعبر عنه بالايجاد وبملاحظة وروده على الفعل القابل يعبر عنه بالوجود. وإذا كانا امرا واحدا حقيقة فيمتنع تعلق الطلب بالايجاد لعين الوجه في امتناع تعلقه بالوجود وهو طلب الحاصل. والتغاير الاعتباري اللحاظي لا يرفع المحذور، إذ لا يغير الواقع والمحذور بلحاظه كما لا يخفى.