نعم هناك دلالة تصورية على مفهوم الجزء في كلا المقامين، ولكنه لا ينفع، فان المقصود ثبوت الجزء ووجوده. وقد عرفت أنه لا دلالة تضمنية عليه في المركب الحقيقي لعدم وجود الجزء مستقلا.
وما نحن فيه من هذا القبيل - أي من قبيل المركب الحقيقي -، إذ لا يدعي أحد ان الوجوب مركب من أمرين مستقلين وانشاءين متعددين، بحيث يكون لكل منهما وجود مستقل كي لا ملازمة بين انتفاء وجود الكل وانتفاء وجود الجزء. بل وجود الوجوب بجزئية وجود واحد. فلا تبقى دلالة الدليل التضمنية بانتفاء المدلول بالدلالة المطابقية. فلا حظ.
وإذا لم يثبت الدليل على بقاء الجواز فلا بد من الرجوع إلى الأصل العملي.
وعليه، فقد يدعى اجراء استصحاب الجواز لليقين به سابقا والشك فيه لاحقا فيثبت الجواز بالأصل.
وناقشه صاحب الكفاية: بان هذا الاستصحاب من استصحاب الكلي القسم الثالث، وضابطه الشك في بقاء الكلي الموجود في ضمن فرد للشك في حدوث فرد آخر مساوق لارتفاع الفرد السابق. وهو لا يجري كما حقق في محله.
نعم يستثنى منه ما إذا كان الفرد المشكوك حدوثه ليس فردا مغايرا للأول في نظر العرف كما إذا كان من نظير الشك في بقاء كلي السواد الموجود سابقا في ضمن مرتبة قوية منه للشك في بقاء ذلك الفرد في ضمن مرتبة ضعيفة بحيث يعد في العرف انه من تغير الحالات لا من تعدد الافراد. فإنه لا مانع من اجراء الاستصحاب هنا، ولكن الاحكام ليست كذلك بل هي متغايرة عرفا.
ومن هنا قد يرد عليه: بان الوجوب والاستحباب من هذا القبيل، لان الاختلاف بينهما في المرتبة، فإذا شك في بقاء الجواز في ضمن الاستحباب صح اجراء استصحاب الكلي.