الفعلي بل الفرضي والتقديري. بيان ذلك: ان النفس عند لحاظها وجود الشئ قد تتعلق به الرغبة والشوق لملائمته للطبع ولترتب بعض الآثار المرغوبة عليه، ومرجع ذلك ليس إلى تعلق الشوق بالوجود الذهني اللحاظي لعدم كونه مورد الأثر، ولا إلى تعلقه بالوجود الخارجي الفعلي لامتناعه في بعض الأحيان كتعلق الشوق بالطيران إلى السماء، وانما مرجعه إلى أن النفس تفرض الوجود الخارجي وتزعم ثبوته وتخلقه في عالمها، فتراه مورد الأثر فيتعلق به الشوق، فحين يلحظ الشخص الوجود الخارجي للشئ ويراه مورد الأثر لو ثبت فعلا، تعلق به شوقه قبل تحققه فعلا ويكون متعلق شوقه هو الوجود الخارجي الفرضي المخلوق للنفس، وبما أن هذا الوجود له جهة فقدان وهي الفعلية فيتحرك المشتاق إلى تحقيق الفعلية في فرض امكانها، فالوجود الخارجي بجهة خلقه وفرضه متعلق الشوق، واعمال الإرادة فيه بلحاظ اخراجه من عالم الفرض إلى عالم الفعلية فله جهتان: جهة وجدان وهي بالفرض، وبها يكون متعلق الإرادة. وجهة فقدان وهي الفعلية، وهي مورد اعمال الإرادة وتحريك العضلات وهي مما لا بد منها إذ لا تتعلق الإرادة بما هو موجود من جميع الجهات وهذا المعنى الذي ذكرناه امر ارتكازي وان كان مغفولا عنه، فهو مضافا إلى كونه برهاني لانحصار حل الاشكال فيه امر عرفي.
ولعل هذا هو مراد المحقق العراقي على ما يحكي عنه من: ان متعلق الإرادة هو الوجود الزعمي، يعني ما تزعم النفس ثبوته وتحققه بتقريب: ان النفس لها قوة الخلق والايجاد في عالم النفس. فللشئ انحاء من الوجود، كالوجود الذهني والوجود الفرضي الزعمي الذي تخلفه النفس والوجود الخارجي. وهو بنحو الثاني متعلق للشوق ولا محذور فيه (1).