اما الجهة الرابعة في كلام صاحب الكفاية: فهي ما افاده من نفي ارتباط الكلام بالقول بأصالة الوجود. وتوضيح ذلك: انه قد تقرر ان كل ممكن مركب من زوجين أحدهما الذات والآخر الوجود. فزيد الخارجي مركب من أمرين الزيدية والوجود. وتقرر أيضا امتناع أن يكون كل من هذين الامرين أصيلا في عالم الثبوت والتقرر وعدم معقولية ذلك، فوقع النزاع في أن الأصيل منهما ما هو؟
هل هو الوجود والماهية امر انتزاعي لا تقرر له واقعا ولا أصالة له؟. أو انه الماهية والوجود ينتزع عنهما؟. فقد يقال: ان البحث المزبور في تعلق الامر بالوجود وان المطلوب وجود الطبيعة انما يتأتى بناء على الالتزام بأصالة الوجود. اما بناء على أصالة الماهية فلا مجال له، إذ لا واقعية للوجود ولا يكون مورد الغرض فلا معنى لتعلق الامر به بل الامر يتعلق بالطبيعة.
ولكنه يندفع: بأنه بناء على إصالة الماهية وإن لم يكن الموجود متعلقا للامر لكن الطبيعة بما هي لا تكون أيضا متعلقة للامر وانما متعلق الامر الماهية الخارجية، لان ما يكون متعلقا للغرض هو الامر الخارجي دون ذات المفهوم، فاما ان يتعلق الطلب بالوجود ان كان هو الأصيل أو بالماهية الخارجية ان كانت هي الأصيل. فتدبر.
يبقى شئ في كلام الكفاية وهو: انه بعد أن ذكر ان متعلق الطلب هو وجود الطبيعة لا الطبيعة بما هي هي، لأنها ليست الا هي غير قابلة لتعلق الطلب وعدمه. قال: " نعم هي كذلك (يعني الطبيعة بما هي هي) تكون متعلقة للامر لأنه طلب الوجود، فافهم " (1).
وتوضيح ذلك: انه واقع الكلام في أن حقيقة النهي هل هي غير حقيقة الامر، أو انها حقيقة واحدة. ولكن الاختلاف في المتعلق - ويأتي التعرض لذلك