يمكن حمل الأدلة عليه، اما لو لم يتصور إلا معنى بعيد أيضا عن فهم العرف فيتردد الوجوب التخييري بين الوجهين وتختلف الآثار العملية والعلمية على كلا القولين، ولا يمكن الجزم بأحدهما.
اما الايراد الثالث، فلا يرد لما عرفت من انه لا تنافي بين الالتزام بالترتب من كلا الطرفين - كما هو الحال فيما نحن فيه - وبين انكار الترتب من طرف واحد. وعليه فالالتزام بهذا الوجه لا يتنافى مع انكار الترتب.
واما الايراد الرابع، فلو تم لجرى في مطلق موارد التزاحم، لان استيفاء أحدهما يمنع من استيفاء الآخر.
والحل في الجميع: انه لا فرق بين هذا المورد وسائر الموارد في تمامية الملاك والتزاحم بين استيفائي الملاكين لا بين الملاكين في الملاكية، فيكون التزاحم بين الخطابين لكون المقصود بهما هو استيفاء الملاكين كما لا يخفى.
فالمتوجه من هذه الايرادات هو الايرادان الأولان بالمقدار الذي ينفيان تعينه لا معقوليته.
ويرد عليه ثالثا ما افاده المحقق الأصفهاني (قدس سره): من أن الغرضين ان فرض كون استيفاء أحدهما سابقا يمنع من استيفاء الآخر، فاللازم الامر بالفعلين دفعة لتحصيل كلا الغرضين. وان فرض كون استيفاء أحدهما مطلقا يمنع من استيفاء الآخر، فاللازم انه مع ايجاد كلا الفعلين لا يترتب كل من الغرضين، فإنه نظير اجتماع المقتضيين للضدين فإنه لا يتحقق أحدهما كما لا يخفى، وهذا مما لا يلتزم به أحد. وان فرض كون وجود كليهما موجبا لحصول غرض ثالث، فاللازم فرض التخيير بين أطراف ثلاثة كل من الفعلين ومجموعهما وهو خلف الفرض (1).