ولعله يقصد انه لا شاهد عليه من العرف، فان موارد التخيير في العرف لا تنشأ عن تعدد الغرض، بل الغرض فيها واحد، فمن أي طريق يعلم تعدده ويبنى التخيير على فرض التعدد.
الثاني: ان الاطلاق ينفي اشتراط الوجوب على كل منهما بترك الآخر، إذ التقييد خلاف الأصل.
الثالث: انه يبتني على صحة القول بالترتب لأنه التزام به. وهو مما لا يمكن فرضه على من يقول بامتناع الترتب، مع أن الوجوب التخييري مما يلتزم به الجميع.
الرابع: ان المورد خارج عن مورد التزاحم بين الخطابين كي يرفع بالتقييد المدعى، إذ التزاحم بين الملاكين في الملاكية، فان ملاكية أحد الغرضين انما تفرض عند ترك الآخر، بمعنى انه لا يمكن أن يكون كل منهما ملاكا للحكم، بل أحدهما الغالب هو الملاك، لان الملاك المزاحم بملاك آخر لا يصلح للداعوية إلى التكليف، فلا مناص من كون أحد الملاكين على البدل ملاكا فعليا، فينتج خطابا واحدا بأحد الشيئين على البدل لا خطابين مشروطين (1).
أقول: لا يخفى ان الملتزم بهذا القول تارة يلتزم به من باب انحصار تصوير الوجوب التخييري بهذا النحو وعدم تعقل غيره، فلا يرد عليه الايراد الأول والثاني، إذ نفس الدليل الاثباتي على التخيير كاف في تعين الالتزام به، وأخرى يلتزم به من باب انه وجه من وجوه تصوير الواجب التخييري فللايرادين مجال، فإنه لا شاهد عرفا عليه كي تحمل عليه الأدلة الشرعية، بل يمكن ان يدعى ان غالبية وحدة الغرض قرينة عامة على عدم كونه بهذا النحو مع اندفاعه بالاطلاق. ولكنه انما ينفي بهذين الوجهين لو فرض تصور معنى عرفي