وعلى ضوء هذا البيان يتضح: عدم التنافي والتزاحم بين الامر بالأهم والامر بالمهم المقيد بالعصيان، وذلك فان الامر بالأهم محفوظ في تقدير عصيانه لاقتضائه هدمه، الا انه لا يتعرض لكثر من هدم تقدير العصيان من دون أن يكون له نظر على تقدير ثبوت هذا التقدير.
والامر بالمهم لا يتعرض لحال هذا التقدير، لأنه مأخوذ في موضوعه، وقد عرفت استحالة تعرض الحكم لحال موضوعه، نعم هو يقتضي ايجاد متعلقه على تقدير العصيان. فالامر بالمهم لا يترقى ويصعد إلى مرتبة الأهم ويكون فيه اقتضاء لموضوعه، والامر بالأهم لا يتنزل ويقتضي شيئا ما وراء رفع موضوع الامر بالمهم حتى يكون في عرض المهم، فالخطابان وان كانا محفوظين في ظرف العصيان، الا انهما لا يتمانعان لأنهما في مرتبتين طوليتين.
هذا توضيح ما جاء في أجود التقريرات لبيان هذه المقدمة (1).
وقد أشرنا إلى أن على هذه المقدمة يرتكز الترتب وينهض القول به.
الا ان هذا المقدار والنحو من البيان لا يفي بما هو الغرض الأساسي والنكتة الأصلية منه، بل ظاهره لا يخلو عن إيرادات، ولذا تناولتها أقلام الاعلام فأورد عليها:
أولا: بان امتناع التقييد لا يستلزم امتناع الاطلاق، بل يستلزم ضرورته، لان التقابل بينهما تقابل السلب والايجاب لا العدم والملكة (2).
وثانيا: بان كون الاطلاق في مرتبة التقييد لا يقتضي تأخر الحكم عما يكون مطلقا بالنسبة إليه، كما كان يقتضي ذلك تقييد الحكم، فان التقديم والتأخير لا يكون إلا بملاك، وملاك التأخر في التقييد والحكم موجود. واما في