امكانه.
ومن الواضح ان حقيقة التكليف ليست الا جعل ما يمكن أن يكون داعيا، وهي أجنبية عن الوجهين الأولين.
وعليه، فاشتراط القدرة لا يكون الا من باب حكم العقل بقبح تكليف العاجز لأنه لغو محض، وكون التكليف انما هو لجعل الداعي لا ينافي ذلك بعد أن عرفت أن المقصود جعل ما يمكن أن يكون داعيا، وقد عرفت أنه قابل في نفسه لان يتعلق بغير المقدور، ولكن المانع منه ليس إلا كونه عملا لغوا لا يصدر من الحكيم.
واما ما التزم به - بناء على كون اشتراط القدرة من باب حكم العقل بقبح تكليف العاجز - من تعلق التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور، لان الجامع مقدور بالقدرة على بعض افراده.
فالحق انه لا يمكن الالتزام به، وذلك لان تعلق الامر بالجامع بحيث يسري إلى جميع افراده المقدور منها وغير المقدور انما يتم بالاطلاق، فينطبق المأمور به على غير المقدور لأنه أخذ بنحو يشمله. وتعلقه بالجامع المطلق بحيث يسري إلى جميع افراده غير معقول، لأنه مر بيان ان استحالة التقييد تارة تلازم استحالة الاطلاق وأخرى تلازم ضرورة الاطلاق، لان امتناع التقييد تارة يكون لاجل استحالة الحكم على المقيد، فيستحيل الاطلاق أيضا، لان معنى الاطلاق يرجع إلى الحكم على جميع افراد المطلق ومنها المقيد، والمفروض استحالة ثبوت الحكم له. وأخرى يكون لاجل استحالة نفس التقييد وقصر الحكم على بعض الافراد، فيجب الاطلاق لامتناع ثبوت الحكم لخصوص بعض الافراد.
وما نحن فيه من قبيل الأول، فان استحالة ثبوت الحكم لغير المقدور ليس لاجل امتناع قصر الحكم على بعض الافراد، بل لاجل امتناع ثبوت