لجعل الداعي لا ينافي ذلك.
بيان ذلك: ان ارتباط التكليف بإرادة المكلف يتصور على أنحاء ثلاثة:
لأنه..
اما أن يكون ارتباطا تكوينيا، نظير ارتباط تحريك الآلة في تشغيل الماكنة المنتجة لبعض المصنوعات كالأسباب التوليدية لمسبباتها، فيكون حدوث التكليف محركا للإرادة وموجدا لها فينتج العمل المطلوب.
واما أن يكون ارتباط جعليا يتوقف على الاعتبار والبناء.
ثم إن هذا يتصور على نحوين:
الأول: أن يكون التكليف عبارة عن اعتبار الداعوية الفعلية وجعل ما يكون داعيا بالفعل نحو العمل.
الثاني: أن يكون عبارة عن اعتبار ما يمكن أن يكون داعيا وجعل ما له اقتضاء الداعوية ولو لم يكن داعيا بالفعل.
وما ذكره المحقق النائيني انما يتم بناء على الوجهين الأولين، فإنه لا يكون قابلا في نفسه لتعلقه بغير المقدور، إذ المفروض انه مرتبط تكوينا بالإرادة، فلا يتصور تعلقه بغير المقدور، أو انه يدعو فعلا نحو الفعل، والدعوة الفعلية لا تتصور لغير المقدور.
واما بناء على الوجه الثالث، فالتكليف قابل في نفسه للتعلق بغير المقدور، لان حقيقته جعل ما يقتضي الداعوية، ولا يمتنع وجود المقتضي مع عدم حصول شرطه أو مع وجود مانعه. وبعبارة أخرى: لا يمتنع وجود المقتضي مع عدم فعلية تأثيره، فيمكن ان يتعلق التكليف في نفسه بغير المقدور - فيكون نظير وجود النار بدون الاحراق -، إلا أنه حيث كان جعل مقتضى الداعوية لغوا بالنسبة إلى غير المقدور لعدم ترتب الأثر عليه، كان ذلك قبيحا. فمرجع اشتراط القدرة على هذا الوجه إلى قبح تكليف العاجز لاجل كونه لغوا لا إلى عدم