وعليه، فالمتعين الالتزام بوجوب مطلق المقدمة.
وبهذا ينتهي تحقيق الحق في المقدمة الموصلة.
يبقى شئ لا بأس بالإشارة إليه وهو: ما تعرض إليه المحقق النائيني (قدس سره) من بيان كلام صاحب الحاشية في المقدمة الموصلة، فإنه ذكر: انه أنكر على صاحب الفصول الالتزام بأخذ قيد الايصال في الوجوب الغيري، وسلك طريقا آخر في تخصيص الوجوب بالمقدمة الموصلة، وهو الالتزام بان الواجب هو المقدمة من حيث الايصال.
وقد أوضحه (قدس سره) بما ملخصه: ان الغرض من المقدمة وملاك الوجوب الغيري لما كان التوصل إلى الواجب، كان وجوب المقدمة لاجل الايصال، وحينئذ فيختص الوجوب بصورة ترتب الواجب ووقوع المقدمة في سلسلة العلة التامة، لعدم توفر الملاك في غيرها، ولكن لا بان يؤخذ قيد الايصال قيدا فيها لامتناعه كما عرفت. وأن يكون الواجب هو المقدمة في حال الايصال.
وبتعبير آخر: الواجب هو الحصة التوامة مع ذيها. فيكون القيد والتقييد خارجين.
كما أنه لا يكون مطلقا من جهته، لان امتناع التقييد يستلزم امتناع الاطلاق، لان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والايجاب، كما ذهب إليه الشيخ (رحمه الله). فالتزم بتعين الاطلاق في المورد الذي يمتنع فيه التقييد. وانما يكون مهملا ثبوتا من هذه الناحية، لامتناع كلا الامرين، كما يمتنع ان تؤخذ الحيثية المزبورة بنحو نتيجة التقييد، لان الوجوب الغيري تابع للوجوب النفسي في شؤونه وخصوصياته، فكما لا يكون الوجوب النفسي بالنسبة إلى متعلقه إلا مهملا ولا تعرض لخطابه إلى حالتي وجوده وعدمه اطلاقا ولا تقييدا ولا بنحو نتيجة التقييد، فكذلك الوجوب الغيري بالنسبة إلى ذي المقدمة لا بد أن يكون مهملا كما هو مقتضى التبعية. (*)