المقام بعد فرض ورود الحكم الشرعي، إذ لا بعد في الالتزام بالاحتياط فيه شرعا أو عقلا، مع الإباحة والسعة في فرض عدم وروده.
وأما على الثاني، فالتباين بين المسألتين ظاهر جدا، لكون الأولى واقعية والثانية ظاهرية، إلا أنه لا يبقى للثانية موضوع مع الأولى إذ لا موضوع للأصل مع الدليل الاجتهادي، فيكون النزاع في الثانية مع البناء على أحد الوجهين في الأولى علميا محضا، من دون فرق بين الاحتياط والبراءة الشرعيين والعقليين.
نعم، لو فرض اختصاص القاعدة الأولى بالشبهة التحريمية يظهر أثر الثانية في غيرها.
وأما على الثالث، فالمسألة المذكورة عين مسألة البراءة والاحتياط العقليين، وانما تباين مسألة البراءة والاحتياط الشرعيين لا غير. كما أنه لو فرض اختصاصها بالشبهة التحريمية كانت مسألة البراءة والاحتياط العقليين أعم منها.
هذا، وحيث كانت هذه المسألة على الوجهين الأولين مما له الدخل في ما نحن فيه كان المناسب التعرض لما هو الحق عليهما.
فنقول: لا ينبغي الريب في أن الحق على الوجه الأول هو الإباحة، وأن استحقاق العقاب مشروط بالمنع الشرعي.
ومجرد ملكه تعالى للمكلف ولأفعاله لا يقتضي عقلا إلا سلطانه على منعه ونفوذ تشريعه في حقه، لا امتناعه عما لم يرخصه فيه. ومن ثم كان المرتكز عرفا احتياج المنع إلى الجعل والبيان.
ولا مجال لقياس ذلك بالملكية الاعتبارية، حيث أنها تقتضي ارتكازا حرمة التصرف في المملوك ما لم يرخص فيه المالك، بل ما لم يثبت الترخيص منه. لان مصحح اعتبار الملكية عرفا ترتب أحكام الملك الارتكازية شأنا، ومنها استقلال المالك بالتصرف في الملك وتوقف تصرف غيره فيه على إذنه، كما هو الحال في جميع الأحكام الوضعية، فإنها وان كانت مستقلة بالجعل غير