بجهالته أنها في عدة؟ فقال: إحدى الجهالتين أهون من الاخر، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه، وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها. فقلت: وهو في الأخرى معذور؟ قال: نعم، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها...) (1)، بناء على أن قوله عليه السلام: (فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك) إشارة إلى القضية الارتكازية المقتضية لعموم العذر حتى بالإضافة إلى العقاب وعدم اختصاص العذر بعدم الحرمة المؤبدة، فيكون واردا لبيان الأصل الثانوي ودليلا على عدم وجوب الاحتياط، لوضوح كون الجهالة المفروضة فيه هي الجهالة بالحكم الواقعي، وهو حرمة التزويج بالمرأة، لا ما يعم الحكم الظاهري ليكون لبيان الأصل الأولي الذي يكون دليل وجوب الاحتياط رافعا لموضوعه.
كما أنه لا ريب في عمومه للشبهة الموضوعية والحكمية معا.
وفيه: أنه منصرف إلى الجهالة بمعنى الغفلة أو اعتقاد الحل خطأ - كما ذكرناه في الحديث الثاني الذي تقدم الاستدلال به للأصل الأولي - ولا سيما مع التعليل فيه بأنه لا يقدر على الاحتياط، ضرورة القدرة على الاحتياط مع الالتفات والشك.
ثم إن الصحيحة لم تتضمن تخصيص التعليل المذكور بالجهالة بحرمة التزويج في العدة دون الجهالة بأنها في العدة، ليستشكل في الرواية بلزوم التفكيك بين الجهالتين - كما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره - بل مجرد ذكره في الأولي دون الثانية، وهو لا يدل على عدم وروده في الثانية.
بل لعل التنبيه على التعليل في الأولى لكون المعذورية فيها أخفى، لما هو المرتكز من أهمية الشبهة الحكمية، فيكون ذكر التعليل فيها دفعا لذلك، وتأكيدا لقوله عليه السلام: (إحدى الجهالتين أهون من الأخرى) الظاهر في أنهما معا غير