خصوصا مع قوله عليه السلام: (وذلك مثل...) الظاهر في حصر مفاد القاعدة بما يكون مثل هذه الأمور، وحينئذ فيمكن أن يكون الاشتباه في الموضوع مأخوذا في المماثلة الملحوظة في المقام، واحتفاف مثل ذلك بالكلام مانع من ظهوره في العموم للشبهة الحكمية.
بل ذكر البينة في ذيل الرواية ظاهر في اختصاصها بالشبهة الموضوعية، لوضوح كونها المرجع فيها، لا في الشبهة الحكمية، فإن المرجع فيها هو خبر الثقة الذي يلغو معه ذكر البينة، كما أشرنا إليه في مسألة عدم حجية خبر الثقة في الموضوعات من الفقه.
ثم إنه قد أشار شيخنا الأعظم قدس سره إلى الاشكال في الأمثلة المذكورة: بأن الحل فيها ليس مستندا إلى أصالة الحلية، بل إلى اليد في الأولين، إلى أصالة عدم تحقق النسب والرضاع في الثالث، ومع قطع النظر عنها فالأصل يقتضى الحرمة، لأصالة عدم التملك في الثوب، والحرية في الانسان، وعدم تحقق الزوجية في المرأة.
ويندفع: بأن نسبة الامارة أو الأصل الحاكم إلى الأصل المحكوم نسبة الحكم الثانوي إلى الحكم الأولي، فإن الحكم الثانوي لم إن كان هو الحكم الفعلي الذي يكون مورد العمل، إلا أنه لا يوجب قصور موضوع الحكم الأولي ذاتا عن شمول المورد، بل هو حافظ لحيثيته، فهو ثابت من الحيثية المذكورة وإن لم يكن فعليا بسب طروء حيثية الحكم الثانوي، التي هي من سنخ المانع عن تأثير الحيثية الأولية للحكم الأولي.
ففي المقام التصرف في الثوب - مثلا - من جهة كونه أمرا مشكوك الحرمة يكون مجرى لأصالة الحل، ومن جهة كون الثوب مجرى لاستصحاب عدم التملك يكون محكوما ظاهرا بالحرمة، ومن جهة كونه مورد اليد يكون محكوما ظاهرا بالحل.