وفيه: أن الورود والاطلاق لما كانا أمرين إضافيين فالظاهر من إطلاقهما كون غاية الاطلاق في حق كل شخص ورود النهي له، واحتمال كون ورود النهي لبعض المكلفين رافعا للاطلاق في حق غيره، خلاف الظاهر جدا، خصوصا في مثل هذه القضية الارتكازية.
هذا، مع أن ظهور القضية في ضرب القاعدة العملية ظاهر في تيسر الاطلاع على موضوعها، والمتيسر لكل شخص إدراك ورود النهي له لا لغيره.
الثاني: أن ورود النهي لا يتوقف على وصوله للمكلف، بل يكفي صدوره واقعا، لا لان الورود بمعنى الصدور - كما قد يوهمه كلام المحقق الخراساني قدس سره - لوضوح التقابل بينهما، بل لان التكليف لما كان أمرا قائما بين المولى والعبد، فهو بالإضافة إلى المولى صادر منه، وبالإضافة إلى العبد وارد عليه، فصدق وروده على العبد لا يتوقف على وصوله إليه، بل يكفي فيه صدوره من المولى وجعله في ذمة العبد، حتى كأنه أمر حمل عليه.
ولعله إلى هذا يرجع ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من صدق الورود على الصدور، وما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من إمكان كونه مقابل السكوت.
وحينئذ فيكون مفاد الحديث أن الأشياء في أنفسها على السعة ما لم يرد فيها نهي شرعي رافع لها.
نعم، لو كان المراد من الورود الورود للمكلف لا الورود عليه كان المتعين حمله على الوصول له، لان مجرد ثبوت النهي في ذمة المكلف لا يصحح نسبة وروده له ما لم يصل.
ولعل هذا هو المتعين في مرسل العوالي، لان النص مما لا ثبوت له في ذمة المكلف، ليصدق وروده له قبل العلم به ووصوله.
إلا أنه لا مجال له في مرسل الفقيه، لحذف المتعلق وصلوح التكليف للامرين، فبلحاظ كونه أمرا ثابتا في ذمة المكلف وموجبا لمسؤوليته والتثقيل