الا أن ذلك مع العلم بالتكليف الواقعي أو موضوعه مستلزم عرفا لارتفاعه، لان بيان عدم العقاب على الشئ وعدم التبعة فيه صالح عرفا لبيان عدم التكليف واقعا، لما هو المعلوم من تقوم التكليف بالتبعة المذكورة الراجعة إلى استحقاق العقاب ونحوه، لتقوم التكليف بذلك وعدم صحة انتزاعه بدونه.
أما مع فرض الجهل أو الخطأ أو النسيان فالرفع المذكور لا يستلزم عرفا ارتفاع الحكم الواقعي، بل يقتضي التأمين من التبعة لا غير، المستلزم لعدم وجوب الاحتياط مع الشك، وعدم وجوب التحفظ من الخطأ والنسيان والغفلة، ولا ملزم برفع الحكم الواقعي، إذ لا يلغو بقاؤه في عالمه، فإن عدم ترتب البعث والزجر عليه حينئذ لعدم الشرط وهو المنجز، لا لقصور في الحكم.
ودعوى: أن الرفع بالمعنى المذكور مع الجهل يكفي فيه حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، بلا حاجة إلى رفع شرعي وراء ذلك، وظاهر الحديث كون الرفع شرعا.
مدفوعة: بأن سلطان الشارع على رفع موضوع حكم العقل بإيجاب الاحتياط والتحفظ من الغفلة عن التكليف الواقعي بالفحص مصحح لنسبة الرفع إليه، فإن الرفع بالمعنى المذكور وإن لم يستند للشارع في المرتبة الأولى، إلا أنه يستند إليه في المرتبة الثانية بعد فرض سلطانه عليه بقاء.
وبما ذكرنا يظهر أنه لا حاجة إلى إظمار المؤاخذة أو بقية الآثار، لما في الاضمار من العناية والتعسف، فلا مجال لتكلفه من دون ملزم به، بل الظاهر أن ارتفاعها مصحح لاسناد الرفع للتسعة المذكورة من دون حاجة للتقدير.
كما لا حاجة إلى تكلف أن المرفوع حقيقة هو إيجاب الاحتياط، وأن نسبة الرفع إلى الحكم الواقعي المجهول بالعرض والمجاز، من حيث كون منشأ رفع وجوب الاحتياط دفع مقتضيات الاحكام الواقعية عن تأثيره، لان وجوب الاحتياط هو الذي يكون رفعه ووضعه بيد الشارع، دون المؤاخذة ونحوها من