وحجية العلم الاجمالي هو الالتزام - بتعدد الحيثية والجهة، بنحو تؤثر كل جهة لمقتضاها في نفسها مع إعمال القواعد الارتكازية عند اجتماع الجهتين المختلفتين في مقام العمل، فدليل الأصل لا يقتضي ترتيب مضمونه مطلقا ومن جمع الجهات، بل من حيثية الشك المأخوذ في موضوعه، كما أن العمل بالعلم إنما يقتضي متابعته في مورده لا غير، فمع اجتماع الجهتين واختلاف مقتضاهما عملا - كما في مورد العلم الاجمالي - يرجع لقواعد التزاحم بين الجهتين، فتختص فعلية التأثير في مقام العمل بإحدى الجهتين دون الأخرى، وإن تم المقتضي في كلتيهما.
مثلا: لو علم اجمالا بحرمة أحد الانائين، فمقتضى الأصل في كل من الطرفين إهمال احتمال التكليف فيه من حيثية الشك، وهو لا ينافي تنجز المعلوم بالاجمال الملزم بالاحتياط في كل منهما، لان الاحتياط المذكور ليس لمحض الشك، لينافي الأصل الجاري فيهما، بل لأجل العلم الذي هو أمر زائد على الشك كاف في التنجيز.
كما أنه لو علم إجمالا بتطهير أحد الانائين المعلومي النجاسة سابقا فالعلم الاجمالي وإن اقتضى السعة بالإضافة إلى المعلوم بالاجمال، إلا أنه لا ينافي تنجز احتمال التكليف في كل من الخصوصيتين بلحاظ سبق اليقين بنجاسته والشك في طهارته المقتضي لاستصحاب النجاسة.
وقد أشار إلى ذلك شيخنا الأعظم قدس سره في مبحث الشبهة الوجوبية المحصورة، فإنه بعد أن أشار لنظير ما تقدم منه في الشبهة التحريمية في وجه امتناع الرجوع للأصول قال: (فلابد إما من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام مما علم وجوب الشئ إجمالا وإما من الحكم بأن شمولها للواحد المعين وجوبه ودلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد وكونه محمولا عليهم ومأخوذين به وملزمين عليه دليل علمي - بضميمة حكم العقل