أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة) (1)، وما عن تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه) (2)، فإن النصوص المذكورة ونحوها مما يتضمن الحث على التيسير ظاهرة في عدم رجحان الاحتياط، بل بعضها ظاهر في مرجوحيته.
لكنها - مع ضعف سند أكثرها - لا تدل على ذلك.
لظهور الأول في الردع عن ضيق النفس عن العمل بأمارية السوق، وهو راجع إلى عدم سكون النفس للحكم الشرعي، المنافي للتسليم الكامل به، وهو لا ينافي رجحان الاحتياط برجاء إدراك الواقع لمحض الانقياد مع التسليم والاطمئنان بالرخصة، كما قد يشهد به خبر أبي بصير، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء؟، فقال: كان علي بن الحسين عليه السلام رجلا صردا... فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه، فكان يسأل عن ذلك فقال: إن أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة ويزعمون أن دباغه ذكاته) (3).
كما أن صحيح البزنطي وأمثاله بصدد التأكيد على حجية السوق والردع عن التزام التضييق كالخوارج، فلا ينافي حسن الانقياد بالاحتياط.
وأما مرسل الفقيه فلا ظهور له في مرجوحية الاحتياط بتجنب احتمال النجاسة في فضل وضوء جماعة المسلمين، إذ لعل السؤال فيه من حيثية استعمال الماء لتوهم كراهة الوضوء من فضل وضوء الغير، فهو مسوق لبيان عدم كراهة الوضوء فيه، بل استحبابه بلحاظ مصلحة التيسير.