مركبا، لامكان كونها فعلا توليديا للمكلف ينطبق على الذبح ونحوه مما يكون فعلا له بالمباشرة بلحاظ ترتب أثره وهو الذكاة، فيكون مفهومها بسيطا منتزعا من الأثر المذكور، نظير: التطهير، والاحراق، والتحسين.
وبعبارة أخرى: لا إشكال في أن التذكية فعل للمكلف يقتضي استناد الذكاة إليه، وإنما الاشكال في أنها متحدة مفهوما مع الذبح ونحوه بحيث تكون الذكاة هي الانذباح، وهو فعل المكلف بالمباشرة، فتكون أمرا مركبا، كغسل الثوب من البول مرتين، أو أن صدقها على الذبح ونحوه بلحاظ كونه سببا للذكاة فهي فعل المكلف بالتسبيب، وتكون أمرا بسيطا مفهوما، كالتطهير المترتب على غسل الثوب، والآية الكريمة ونحوها من الاستعمالات الشرعية لا تنهض بإثبات الأول، لصحة النسبة في الثاني أيضا بلا تجوز.
نعم، قد يستشهد لما ذكروه بما في كلام غير واحد من اللغويين من أنها الذبح، كما في الصحاح، ولسان العرب، والقاموس وغيرها، أو الذبح والنحر، كما في نهاية ابن الأثير، ومجمع البحرين.
لكن من القريب تسامحهم في التعريف المذكور بأن يكون ذكرهم الذبح والنحر من حيث كونهما موجبين للتذكية وسببا لها، لا لاتحادهما معها مفهوما، كما يشهد به ما في مفردات الراغب: (وذكيت الشاة ذبحتها، وحقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية. لكن خص في الشرع بإبطال الحياة على وجه، دون وجه) فإنه صريح في أن اطلاق التذكية على الذبح من حيث كونه سببا لها.
ويؤيده عدم مناسبة الذبح والنحر مفهوما لبقية المعاني المذكورة لمادة التذكية، من ذكاء النار، وذكاء الفهم وذكاء الرائحة ونحوها، لبعد الاشتراك جدا.
ويشهد بما ذكرنا أيضا ما في لسان العرب عن بعضهم: (وأصل الذكاة في اللغة كلها إتمام الشئ، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم، وهو تمام السن. قال:
وقال الخليل: الذكاء في السن أن يأتي على قروحه سنة، وذلك تمام استتمام