لا يثمر فرقا...
وأما (ثالثا) فلأن العصر الأول كان مملوء من المحدثين والمجتهدين، مع أنه لم يرتفع بينهم صيت هذا الخلاف، ولم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف...
ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقوع هذا الاعتساف إلا من زمن صاحب " الفوائد المدنية " سامحه الله تعالى برحمته المرضية، فإنه قد جرد لسان التشنيع على الأصحاب، وأسهب في ذلك أي إسهاب وأكثر من التعصبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب (1).
والحقيقة إن هذا الموقف الذي وقفه الشيخ يوسف من هذا الصراع كان له تأثير بالغ الأهمية في إعادة الانسجام إلى مدرسة أهل البيت، وإزالة التطرف الذي أصاب هذه المدرسة في فترة الصراع وعودة الاعتدال والعقلانية إلى هذه المدرسة.
وفي نفس الوقت فإن هذا الموقف يدل على غاية في الورع والتقوى والاحساس بالمسؤولية عند هذا الفقيه الجليل، ولا شك أنه واجه كثيرا من الضغوط في موقفه هذا، ولكنه آثر أن يتحمل هذه الضغوط على أن يجري مع فضلاء عصره فيما كانوا يجرون فيه من تعميق وتوسيع شقة الخلاف بين المدرستين.
وإلى جانب الاعتدال الذي أخذ به الشيخ يوسف رحمه الله كان الوحيد البهبهاني رحمه الله هو الآخر يرى أن رسالته في تكريس الخط الأصولي والاجتهاد والدفاع عنه وإزالة الشبهات التي جاء بها الأخباريون في التشكيك في الاجتهاد. وبسبب هذا الاعتدال الذي أخذ به الشيخ يوسف، والموقف الحاسم الذي أخذ به الوحيد البهبهاني رحمهما الله استعادت مدرسة أهل البيت الفقهية