الوضعية: فإذا جعل الشارع شيئا سببا لحكم من الأحكام الخمسة كالدلوك لوجوب الظهر، والكسوف لوجوب صلاته، والزلزلة لصلاتها، والايجاب والقبول لإباحة التصرفات والاستمتاعات في الملك والنكاح، وفيه (1) لتحريم أم الزوجة، والحيض والنفاس لتحريم الصوم والصلاة، إلى غير ذلك، فينبغي أن ينظر إلى كيفية سببية السبب، هل هي على الاطلاق؟ كما في الايجاب والقبول، فإن سببيته على نحو خاص وهو الدوام إلى أن يتحقق مزيل، وكذا الزلزلة. أو في وقت معين؟ كالدلوك ونحوه مما لا يكون السبب وقتا، وكالكسوف والحيض ونحوهما مما يكون السبب وقتا للحكم، فإنها أسباب للحكم في أوقات معينة.
وجميع ذلك ليس من الاستصحاب في شئ، فإن ثبوت الحكم في شئ من الزمان - الثابت فيه الحكم - ليس تابعا للثبوت في جزء آخر، بل نسبة الحكم في اقتضاء السبب للحكم (2) في كل جزء نسبة واحدة. وكذا الكلام في الشرط والمانع.
فظهر مما مر: أن الاستصحاب المختلف فيه لا يكون إلا في الأحكام الوضعية ، أعني الأسباب والشرائط والموانع للاحكام الخمسة من حيث إنها كذلك، ووقوعه في الأحكام الخمسة إنما هو بتبعيتها، كما يقال، في الماء الكر المتغير بالنجاسة إذا زال تغيره من قبل نفسه: بأنه يجب الاجتناب منه في الصلاة، لوجوبه قبل زوال تغيره، فإن مرجعه إلى أن النجاسة كانت ثابتة قبل زمان تغيره، فيكون كذلك بعده.